arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى قراءات نقدية في سقف الكفاية

جريدة الجزيرة

ولماذا سقف الكفاية؟

أميمة الخميس

كاتبة وروائية سعودية - لها زاوية ثابتة بجريدة الجزيرة

هل لأنها الرواية التي لم تمتط صهوة الصراخ أو الزعيق العقائدي، لم تتوسل بالتابو والمحظور الذي يحملها إلى البوابات الأولى سواء من خلال الجنس أو التجديف العقائدي؟

هل لأنها تحدت أسطورة أننا شعب لا يقرأ، أو لربما شعب متورط بالسطحية والتفاهة، والرواية رغم صفحاتها الأربعمائة، قرأها الكثير، وكتب عنها الكثير أيضاً، وأثبتت بأننا نقرأ في حال وجود شيء يتحدى البائت والمكرور والممل.

هل لأنها كانت على المستوى الفني بناء منسجم متناغم، الحدث في خدمة الشخصية والشخصيات تضج بالحضور الذي يختطفنا منذ الصفحات الأولى، كم من رواية نقرأها نلمس الشخصية مفتعلة والأحداث متعسفة واستجلاب قسري للتاريخ والرمز بشكل يخلخل بنيان الرواية ويؤذي روح القارئ ويخدش ذائقته.

لكن سقف الرواية كان نزيفها ينهمر في أودية الصفحات قطرة خلف قطرة، كلما أنهكنا طول السرد، أوعدتنا بروق العبارة ورعود الأسلوب.

محمد حسن علوان في هذه الرواية موهبة تعلن عن نفسها بجسارة ودون مواربة كم ابتهجت يوما ما برواية «ليلى الجهني» الأرض اليباب، ولكن تلك الرواية ظلت وحيدة يتيمة وتوارى صوت ليلى.

هل كانت رواية الأرض اليباب لليلى الجهني رسالة البحر المعبأة في زجاجة نفثت بها بعض من روحها وتوارت، قصة مطلع الصبا وجراح الصبابة، ومن ثم الخيانة العظمى للفن فتكون مجرد نوستولجيا حادثة وليس عملاً فنياً واعداً.

وهذا هو التحدي الذي يواجه محمد علوان هو السقف الذي يترصد بسقف الكفاية، القصة على كل حال هي النسخة الحديثة من الأسطورة العذرية القديمة، لكن تميزها يكمن في البنيان الذي أظهرها، وبالخيوط التي ضمت نسيجها، وبالوعود التي تضمها تربتها.

عنوان الرواية متكلف وغريب ولا ينسجم مع تفاصيلها وعمقها، لكن الأهم من كل هذا أن لا تتحول إلى سقف يحجب الضوء عن حقل محمد حسن علوان الروائي.

ذلك الحقل الذي أتمنى أن لا تغرقه مياه الإطراء، ولا أن يجففه شحوب الفعل الثقافي وضآلة ردود أفعاله.

حقل يجب أن يكون تحدي محمد علوان الأول هو رعايته وحراسته من غربان الارض والسماء.

أخيراً..

الرواية لا توزع في الرياض، ونتداول منها نسخاً مصورة، مع التحية لهيئة المراقبة المبجلة في وزارة إعلام.