arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى قراءات نقدية في موتٌ صغير

صحيفة القبس الكويتية

«موت صغير»

عدنان عبدالله العثمان

كاتب كويتي

قبل أن أشد الرحال مع الأحفاد في إجازة، وصلت إليّ رواية مع إهداء جميل من شقيقتي هدى، تحمل اسم «موت صغير» للكاتب السعودي محمد حسن علوان. والرواية حائزة على جائزة بوكر العربية 2017. وتدور أحداثها حول تسلسل حياة ورحلة التصوّف للشيخ محيي الدين ابن عربي. طبعاً الرواية لا تخلو من خيال الكاتب المبني على أحداث تاريخية ودراسة، أعتقد أنها سطحية نوعاً ما لرحلة تصوف شيخ الإسلام والكبريت الأحمر، كما يطلق عليه، ولا أكتب هنا من باب التسويق أو النقد للرواية، فلست مؤهلاً لذلك. لكن الرواية جميلة وكذلك مشوقة. وعرجت وبشكل مؤلم لوضع المسلمين في أواخر عهدهم بالأندلس وحروب المرابطين والموحدين المغاربة وعهد صلاح الدين الأيوبي وما تلاها من اقتتال بين المسلمين، كل هذا من خلال سرد ابن عربي لرحلة تصوفه الطويلة. وعجبتني جرأة الكاتب بولوجه حياة أحد رجال الدين المثير للجدل بأسلوب لم يخلق لكتابه أعداء.

الرواية وصلت للطبعة السادسة «ومحد» رفع عليه قضية. الأمر الآخر، إن صح ما ورد في الرواية، فابن عربي بداية تصوفه وعلمه عاقر الخمر وسأله صاحبه كيف، وإن قبض الله أرواحنا ونحن على معصية؟ فأجابه بأن طاعتنا لله مستمرة ومعصيتنا منقطعة. كلام ورموز صوفية لا أفهمها، لكن يوم حب يشرب وجد لنفسه مخرجاً! وفي مكة وقع بحب ابنة شيخه وما منعه تصوفه عن عشق تلك الفتاة ومن يود يعرف أكثر يقرأ الرواية بس يكفي أنه أصدر ديوان شعر باسم ترجمان الأشواق، وطبعاً البنت وأبوها انفضحا في مكة وتركاها إلى بغداد. فتفوقه الفلسفي وعمقه الصوفي لم يمنعاه عن الخطأ. وكذلك باع منزله ووزع ثمنه على الفقراء، لكنه بخل على عبيده بالحرية فباعهم بسوق النخاسة، فرجال الدين هم أهل علم ولنا بعلمهم وليس بفعلهم أو مظهرهم، وما هم إلا بشر حالنا حالهم. وأتساءل: ليش رجل الدين لازم يتميز بلبسه عن غيره من الناس وتُطلق عليه الألقاب. ويلاحظ في كل الأديان البعض منهم يميزون أنفسهم بلباس يختلف عن بقية خلق الله، مع أن الأصل هو العلم وليس المظهر، وأعتقد هذا ليضفي على بعضهم هالة إيمانية ربما لا يستحقونها وليشار إليهم ببنان الوقار عن بعد ليأخذوا دوراً وحجماً أكبر منهم. والله تعالى أعطى الإنسان عقلاً فعليه أن يستعمله ولا يتبع المظاهر.
وأنصح الكل بالقراءة لأخذ العظة والمعرفة، والأمور صارت سهلة بوجود «غوغل»، وما يحتاج إلا ثواني للوصول إلى مبتغاك. ولأوصل الرسالة صح فكل إرهابي فجّر نفسه وقتل الأبرياء وكذلك كل من خان وطنه، صدقوني وراه شيخ دين متطرف، ما عنده ضمير أفتى له بالجنة والثواب على جريمته.
وتسلمون.