arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى قراءات نقدية في سقف الكفاية

جسد الثقافة

محمد حسن علوان / سقف الكفاية

آينارا

صحفية سعودية

لا نحظى دائما في عالم الأدب والفكر بالاحتفاء بمراحل تكوين ومخاض وولادة كاتب عربي يستحق اهتمام الإعلام والأدباء والنقاد والجمهور.. ورغم أن انتظارنا لمثل هذه الظواهر قد يطول قليلا لكنها حين تضيء سماءات الإبداع العربي الروائي أو الشعري، فإنها تبقى هناك كشهاب مشرق انطلق من كبد الغيب واستقر على صفحة المجد في لحظة تأمل دافئة نحياها في قراءة ما حمله معه ذلك النجم الفلكي الغريب والتي قد تستمر عمرا آخر..!!.
ما جاء به الروائي السعودي الشاب “محمد حسن علوان” في روايته “سقف الكفاية ” لا يمكن أن يكون إلا تجسيداً حياً لمثل تلك الظاهرة.. وإن كانت تعتمد في سماتها تفصيلا أعمق، ومضمونا أكثر تعقيدا.

الرواية وجدت طريقها للنور مؤخرا، وانتقلت بكاتبها إلى مصاف العباقرة الصغار الواعدين سريعاً.. وأخذت حيزاً واسعاً من اهتمام النقاد على صفحات الصحف وفي ذاكرة القارىء الذي عبر مع الرواية إلى عالم العاطفة المتخمة بالحب الأفلاطوني بين سطور وكلمات الكاتب المرهف.. وعبر قراءته الصادقة والدقيقة لمشاعر غابت عنا وعن واقعنا منذ أن فقدنا أنفسنا في دوامة الحياة اليومية والعمل الشاق.. والأرقام ودقات عقارب الساعة المتسارعة التي قتلت فينا رغبتنا في السكون إلى واحة العاطفة والحب..!!
الرواية تحتوي على مخزون جوهري لمفردات تسطع كماسات متناثرة من صندوق عتيق أخال انه الكنز الذي يختزنه الكاتب في ذاكرته.. وهي مفردات وتراكيب مبتكرة يمكنها على قوتها أن تضمن للكاتب وللرواية النجاح مهما بهت المضمون.. رغم أن المضمون أيضاً لدى هذا الكاتب الحاذق ظهر على قدر من الإبداع المتكامل الذي اخترق حدود الكمال وسطر لنفسه أولى حروف النجاح بين الصفوف المتقدمة.

((محمد حسن علوان)) ألبس روايته الطابع العاطفي البحت، ولكنه لم يكتف بذلك وإنما مزج المحور الرئيسي للرواية بعدة محاور كان أبرزها ذلك البعد السياسي المبطن الذي ضمن معاناة غربة فقيرة يعاني منها احد شخصيات الرواية ويعيشها بتفاصيلها السلبية المرعبة.
هذه الموهبة الفتية عانقت وجدانها بضمير مرهف عاش في عصر “عنتر وعبلة” و”روميو وجولييت” ضمن خيالات وأحلام الجمال التي تسكن خلفيات كل منا.. وانطلق إلى واقع جاف مقفر لينقل له قطرات من ندى العاطفة.. ونسمات من رائحة الحب الحقيقي الذي قد يخلد حتى بعد رحيل أصحابه.. في قالب متكامل من أولى عنوانه “سقف الكفاية” وحتى كلمة النهاية.
هذا الكاتب الشاب غرس مخالبه في عالم الإنجازات بجرأة يتلمس ملامح الرواية الجديدة.. ويكتشف رموزها ويفك ألغازها بإشراقة وجدانه.. وهو، إن قرر تحدي موهبته على نفس الرتم الصاخب الذي عمل عليه في روايته الأولى، سيصل حتما إلى ملكوت الإبداع النقي بعد سنوات قليلة..!

ومهمة الجمهور والنقاد والإعلام ستنحسر في متابعة إنتاجه الفكري الأدبي.. وفاكهة ذوقه المرهف في محاولاته الشعرية الرائدة.. ليغرقوا وجدانهم في أمواج جريئة من بحر ثائر يرفض التقليد أو الهدوء حتى على شاطئ النهايات.
أما ونحن لا زلنا في أول الرحلة.. مع بداية مشرفة وقوية، فقد استحق من عطاءاته نجاحا وتكريما وحفاوة، كانت أقل ما يمكن أن يحظى به من نتاج جهده وتفانيه في صياغة تفاصيل ممتعة وشيقة لروايته الخاصة التي أصبحت اليوم تخص كل من يقرأها وتمس كل من يشعر بها في الزوايا الباهتة للروايات الكلاسيكية لمن بداخله لوعة الغربة أو الإحساس باليتم أو الحب الجامح الذي غيبه الزمن وحكم عليه بالإعدام المبكر!!.