arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى قراءات نقدية في طوق الطهارة

منتدى الملاذ

طوق الطهارة (علوان مجدداً)

علي عبدالله

(1)
صديق مؤقّت

قليلة ٌ هي الكتب التي تحظى بشرف المؤانسة معي، لأنني لا أحب أن أكون صديقا ً دائما لأحد أحب ّ أن أختار بدقة الأصدقاء المؤقتين لي، و هي لمن المصادفة بعد أن فشلتْ (سقف الكفاية) في الاستمرار بعلاقتي و تقويم الصداقة بها أكثر من يومٍ واحد وربما ست ّ ساعات ٍ لا أكثر أن تستمر هذه الرواية ثلاثة أيام بصداقتها معي في الفراش و في السيارة و في الملعب ِ.. أحببت أن أجعلني كأحد أبطالها من وزّان إلى أحمد إلى حسّان نفسه، و أردت ُ أن أكون َ صديقا ً حميما ووفيا ً تماما ً كما هي تدخلني في أجوائها أن أدخل أنا في أجوائها..

(2)
قطعة ُ نرد ٍ بمدينة

ربما لن تكون قراءتي صادقة تماما ً لكوني لست قارئا ً مختلفا أو ناقدا يجد ُ الأمور بأشكال ٍ مختلفة ولكنني متأكد بأن مدينة ً كالرياض من الصعب ِ احتوائها أبدا ً كما ذكر علوان.. و هي لا تكتفي برواية ٍ واحدة او اثنتان ولا ثلاث لتعرّي نفسها أمام القارئ بل هي بحاجة لآلاف الروايات ليستطيع العقل ُ أن يدرك َ مقدار سمك ِ ما هو جديد ٍ وغير متوقع منها..
ومن الصعب على حسّان أن يولد َ لوحده ِ ويتعلّم َ غير ما هو منتشر ٌ بكثرة ٍ ومتعارف ٌ لدى طبيعة الرياض.. هي تماما ً كقطعة ِ نرد ٍ تعطيك جميع الأرقام ِ و بأنصافها أيضا.. وبالرغم ِ من إنها لا تحتوي على تحزبات ٍ أو جماعات ٍ مرتبطة ْ بقواعد سياسية إلا انها تحتوي على أكثر ِ من منطق ٍ فلا تدري تصدق ُ من وتترك ُ من وكلهم واقع ٌ لا محالة.

(3)
طوق الطهارة

لطالما كنت أتمنى أن لا يكون بعض ٌ منا بهذا الحزنِ وبهذه الكثافة من الألم ِ الذي يجرحنا و نظل ّ نحمله ُ معنا و لكن لا بأس َ بأن لا نكذب أنفسنا ولو لدقيقة، و أن نتعامل بصدق ٍ مع حالاتنا المختلفة ووضعياتنا المشنوقة ِ في حدود ٍ إما أن نكن مذنبين أو أن نكن دون حلم ٍ يستحق الحياة.

وهل يجب أن نقنع ْ أنفسنا بطهارتنا الدائمة و معظم أحلامنا مقيدة ومكبلة بذنوب ٍ لا نحسها و لا نتوقعها أو أحيانا و لعدم وجود خيارات ٍ صادقة ٍ لدينا نتغافلها..

(4)
(الشاعرية)

لربما كان موضوع شاعرية الرواية هو الحديث الأول حول ( سقف الرواية ) وكيف لا وهو يبدؤها بجملة ٍ لذيذة جدا : ( لم تكوني امراة عادية ً كي يكون حبي لك ِ عاديا ).. و الأكثر ُ من ذلك َ أن الرواية السابقة التي توقف قطار السرد فيها مع المئة صفحة ٍ الأولى لم تتوقف عن أبياتها المرصوفة ِ باللغة و المعنى و اللفظ الراقص حتى لكأنك لم تمتلئ من الشعر..
والآن وفي روايته الثالثة تجد نفسك َ أمام شخص ٍ كأنه يكتب روايته وينظر بحذر لشاعريته كي لا تنفرط.. و بالرغم من كونها انفلتت منه في بعض الأحيان ِ إلا أن انفلاتها كان جميلا جدا..

(5)
ثلاثون امرأة في رجل

ربما أكون معجبا جدا ً بقرائته للمرأة رغم السوء الذي انفرج َ عن افعالهن ّ و بعضه ُ قد يغيظ النساء.. وكأن معظم البنات يتقاذفن ورء شهواتهن ّ لنكباتها لدرجة أنه يقول حتى حبيبته غالية كان باستطاعته ِ أن لا يحبها و أن يقضي معها العمر بغير زواج.. و أشار لكون الزواج تنبيه فعلي لمقدار الحرمة و الحلية..

لا أرغب في الحديث عن أمور ٍ من خارج السياق و أود ّ أن أنقل جملته في الصفحة 214 حين يقول: (دائما ً حاول أن تجعل المراة المميزة، العظيمة، الإستثنائية صديقتك، وليس حبيبتك، وستستمتع بصداقتها أكثر من حبها، تميزها سيؤذيك، سيؤلمك).
وكيف أنه يصنّف النساء ويحددهن ّ كل ٌ بعلاماته ِ الفارقة.. ليست كل النساء ِ مخلوقات ٌ كما يفكر ُ بهن ّ الرجل.. وكم حجم المفاجأة التي لن يتوقعها الرجل لو عرف َ امرأة مميزة..

( 6 )
(+) (+)

ربما لم تكن هي الرواية الأولى التي يتطرق فيها كاتب عن قدرة العاشق على التجاوز و ربما يكون الكثير طرحها بأسلوب ٍ مختلف.. الجميل أن ثمة طاقة إيجابية يحملها هنا حسّان مختلفة عن الجميع.. التفكير الذي يشبهنا تماما والغير متأثر بالروايات الأخرى.. والسرد النابع ْ من قلب ٍ بسيط ومؤمن لم يتغيّر حتى في عزّ مصيبته..
وحتى غالية التي تستوطن ُ نفسها كانت ككل النساء التي لا تقول أحبك َ أكثر من مرة و لا تكذب ْ لأنها هجرت.. المرأة و الرجل و الروح و الجسد..

(7)
الثالوث المحرّم

لم يتغاضى ولم يتهاون.. تحدث كمن يجسّ النبض َ بخفة ٍ بسيطة وببراءة ليكون الموقف ُ مسلطا ً على صورة ٍ ما من معالم ِ حياته.. لم يحتج ْ لأن يتعمق ويتحدث الآخرون عنه بالجرأة و لم يتركها لأجل أن يصفه الناقدون بالجبن.. كم هي المسافة الفارغة بيننا وبين الجنس والسياسة والدين كي نستطيع العبور بطمأنينة؟
بالتأكيد هي التي يصعب ُ تحديدها في المنطق ِ الذي يختلف كثيرا ً في قطعة النرد الرياض.. وسيصعب علي ّ أن أتخيل َ رواية ً صادقة ً تتحدث بغير أن تقول عن الجنس أو عن السياسة أو عن الدين.. فالجميع هنا مسألأة مختلة وغير متوازنة تتقلب ُ على إثرها كل حالاتنا الوضعية كشعب ٍ و وكرعية..

(8)
النهاية

أجمل ما في علوان أنه شاعر.. والشاعر فيلسوف.. و الرواية التي توقفك َ في نصف الطريق ِ هي ناقصة والرواية التي لا تنتهي بإغلاق الهاتف مفتوحة على القارئ.. أظنني كنت بحاجة بعد قراءة الرواية إلى رفع الهاتف لأعرف من المتصل.

هي محاولة عابرة لتقديم قراءتي الشخصية حول الرواية التي قبضتني متهما ً بها..