arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى قراءات نقدية في صوفيا

جريدة اليوم السعودية

صوفيا محمد حسن علوان.. وصدمة القارئ!

إبراهيم الدغيري

كاتب صحفي

لا أعتقد أن رواية سعودية حظيت بترقب صدورها؛ مثلما حظيت به رواية (صوفيا) لمحمد حسن علوان. ترقب وانتظار اتكأ على نجاح روايته الأولى (سقف الكفاية) والذي جعل القارئ يتلهف كي يطلع على عمل أنتج محليا يصح أن يطلق عليه (رواية)..ظن القارئ المتابع ـ أن الكاتب سوف يهديه رواية تفوق سابقتها في (اللعبة اللغوية) والتي أجادها علوان بموهبة فذة ونجاح مقدر، ورغم النفس الروائي الطويل لـ(سقف الكفاية)؛ إلا أنه استطاع أن يحبس نفس القارئ ليجبره على ألا يتنفس إلا في نهايتها ـ ليهبه حكما جيدا طالما جانب غيره من الروايات المحلية الأخرى. والقارئ في ظل نجاح (سقف الكفاية) اعتقد ان الكاتب سيجبر نفسه على أن يقدر انتظاره ويهبه تجربة روائية ناجحة، وتعلن بوضوح ان العمل القادم لا يقل جمالا عن السابق..ويستحق فعلا أن ينتظر بفارغ صبر. وصدرت الرواية.. وتهافت عليها القراء.. وكنت ممن حالفه الحظ بالحصول على هذه الرواية المنتظرة بشوق، فأجلت قراءاتي، وبدأت بها ولم تأخذ وقتا طويلا نظرا لحجمها الصغير والذي لا يتجاوز مئة وأربعين صفحة من القطع الصغير، فخرجت بانطباع عام حول الرواية وببعض النقاط التي ينبغي أن تناقش حولها. وأعدت قراءتها قراءة نقدية متفحصة حاولت من خلالها أن أبين بعضا مما أراه خللا في الكتابة الروائية، وان كانت في مجملها لا تنقص من جهد الكاتب، فالرواية قد حوت جماليات فاقت ما قد احسبه خللا في ثناياها..تدور الرواية حول الموت كموضوع أساس قد يبدو تناوله لدى كاتب مبتدئ ـ خبرة حياتية وفلسفية ـ مخاطرة كبرى ولا أدل على ذلك من دخوله الى موضوع الموت كان عبر بوابة (الملل) الذي أجاد الكاتب في وصف تلبس البطل به، إلا أن ثنائية الملل/ الموت، قد أتت بنتيجة عكسية فصورة الملل التي رسمها الكاتب قد تبدو (كاريكاتيرية) مقابل الموت الجاثم على (صوفيا). أما بطلا الرواية (معتز) من السعودية ـ الاسم غير بيئي ـ، و(صوفيا) من لبنان فقد مهد الكاتب للدخول الى موضوعه الحساس بإزالة جميع الروابط القريبة منهما فـ(معتز) افتعل لوالديه حادثا بأنهما (خرجا من البيت أصحاء وابتلعهما حادث سير وماتا)!! أما والدا صوفيا فقد التهمتهما الحرب الأهلية اللبنانية!! وهذه القصية واللزقية تهز البناء الروائي. بعد الشخصيات والموضوع الأساس، تبقى الآراء والمعتقدات التي حاول الكاتب أن يبثها على شكل تساؤلات ضمن أغلبها (السرد) في ظل خفوت وندرة الحوار. وأبرز أفكار الرواية كانت تدور حول التعبير عن ايديولوجية مكبوتة تم نثرها في ثناياها، ولعلها لا تحتاج الى تعليق: ليس من غرض الناقد ان يقوم بتصحيح معلومات ابطال الرواية، ولكن ان يقع البطل في خطأ اعتقد انه معرفي وهو ما يتعلق بـ(ابتسامة الموناليزا) وانها تثير الملل بثباتها. تعدد التشبيهات في الرواية الى حد الابتذال والتكرار والتجاوز احيانا، فلا تخلو صفحة من (كأنه، كأنها، كأن، مثل، كـ) وبعد ما سبق من التعرض لبعض المواطن التي اظن ان علوان قد اخفق في التعامل معها روائيا، يبدو من المستحسن اثارة بعض التساؤلات التي تبدو مشروعة من الناقد والقارئ على السواء: يخشى ان الكاتب قد انجر الى الكتابة من اجل الكتابة، ومن اجل عمل ثان من غير ان ينظر الى عاقبة الاستعجال في الكتابة الروائية. ربما تكون هذه الرواية بداية لنفق لا يجيد دخوله الا علوان ولا يستطيع ان يكتب الا من خلاله: (المرأة) فهل هي الطريق الامثل لتمرير – المبادئ – الفلسفة؟ وهل يستطيع علوان ان يضمن مثلا: المكان/الزمان/ ومن خلال شخصيات غير المرأة، ما ضمنه (سقف الكفاية/صوفيا)؟ أم ان الابداع الروائي عند علوان يتيه اذا ابتعد عن نقطة معينة ويذبل؟ ام ان القادم ينبئ عن ان (صوفيا) مرحلة سيتم تجاوزها في المستقبل؟

انني اتحدث هنا عن فشل الكتابة في مشروع (رواية) تدعى (صوفيا) اجمالا، ويبقى ان جوانب عدة في الرواية تبقى مضيئة فكرا/ لغة، وان النقد اتكأ على منجز الكاتب السابق – (سقف الكفاية). ولا يمكن بعد ما سبق الا ان اؤكد ان علوان ممن وضعوا اسماءهم باقتدار في شهادة ميلاد الرواية السعودية (الحقيقية) ويبقى مطالبا من الناقد والقارئ على السواء بابداعات اخرى اظنه من ابرز القادرين على اثراء ساحتنا الثقافية بها، فالجميع منتظر بمزيد ترقب وفراغة صبر.