arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى قراءات نقدية في سقف الكفاية

جريدة الرياض

سقف الكفاية

سعد الثقفي

قاص وناقد سعودي - يكتب زاوية (ضفاف) في جريدة الرياض السعودية

ما وجه الغرابة في إن يكتب شاب بلغ العشرين ربيعاً أو زاد قليلاً رواية؟

وهل من شروط الكتابة عامل السن؟ ألم يقف غلام حدث أمام خليفة المسلمين ”عمر بن الخطاب“ مهنئاً ومنشداً، فقال له الخليفة إن في القوم من هو أكبر منك. فلم يزد على أن قال: يا أمير المؤمنين لو كان في الأمر عامل السن لكان في القوم من هو أحق منك بالخلافة. وإنما المرؤ بأصغريه، بقلبه الشجيع وبلسانه البليغ.

فما وجه الغرابة في أن يكتب محمد حسن علوان رواية!!

لقد فرغت من قراءتها للتو. وأشهد بعلو قدم كاتبها في فن السرد. وهي كما قال الناقد معجب الزهراني نقلة نوعية في الرواية السعودية.

لكن! المحزن والمؤسف هو كيف تلقينا نبأ ميلاد روائي محلي في وسطنا الثقافي.

لقد تابعت القوم وهم بين مستكثر على علوان روايته، وبين مشكك مع الأسف وبين ناقد أخذ يستعرض العمل الأدبي من بُرج عال، فقال بأنها ماتعة وجميلة، واكتفى بسياحة في قراءتها. وهل تكفي هذه السياحة للاحتفاء بميلاد روائي وضعته روايته في مكانة مرموقة بين روائيينا؟

لقد احتفل السادة النقاد ”ذاتهم“ بأعمال روائية أقل شأناً من سقف الكفاية من وجهة نظري، وهي سير ذاتية. لكن علوان صاغ الحب الضائع في رواية خالدة. وكشف المستور ليس في الرياض فحسب، بل هنا في كل مكان. بلغة راقية مزجها بثقافة عالية.

فسقف الكفاية اعتبرها الرواية السعودية الأولى واقعية.

كتبها علوان بصدق وببراعة. وساهم الجرح الذي خلفه الحب الضائع في تحفيزه على تدوينه روائياً، فجاءت الرواية كأعظم ما يكون العمل الأدبي متكاملاً.

صحيح كان هناك أخطاء إملائية ربما بسبب الصف الطباعي، ونشاز في بعض المقاطع الشعرية التي وردت في ثنايا النص، لكنها لم تؤثر في السرد. ودلت على براءة الراوي من الرقيب الداخلي في نفسه، وحتى الخارجي. لقد كتب بعفوية. ولقد اختلف الوسط الثقافي على رواية سقف الكفاية، وحز في نفسي ما كتبته بعض الأقلام عنها.

لكنني أتمنى ألا تؤثر على مسيرة علوان الأدبية مستقبلاً. وأرجو أن نفرح بأعمال أخرى لعلوان لا تقل روعة عن سقف الكفاية. وهو القادر على ذلك من وجهة نظري.