arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى قراءات نقدية في القندس

صحيفة اليوم السعودية

القندس

د. عصام عبدالله محمد الخراساني

كاتب سعودي

اسم غريب شدّ انتباهي وأنا أستعرض الكتب لشراء كتاب في مطار البحرين، هذا الاسم الذي لا أعرف معناه هو اسم لكتاب والصورة المرسومة على الغلاف توحي بأنها لكائن غريب، قطعًا ليس إنسانًا بالرغم من ملامحه البشرية!! اما المؤلف فهو الأديب والقاص والكاتب الشاب السعودي محمد حسن علوان الذي عرفته من خلال قصيدته «اغتسال» التي يقول فيها:

صديقة تلك السنين الطوالِ.. وتلك الغيوم المجيدة
صديقة ذاك الجفاف القديمِ.. وتلكَ القيود الغريبة
صديقة ذاك الأمانِ القليل.. وتلك الظروفِ الثقال

ومن ضمن أبيات القصيدة البيت التصويري الرائع الذي يصف حال محبوبته بالإناء الذي ليس له، ويصف نفسه بالماء الذي لا تعشقه محبوبته عندما يقول:

وأعرف أنكِ لستِ إنائي، ولا أنا كنتُ المياه التي تعشقينْ

بالرغم من غرابة اسم الكتاب وانجذابي له إلا اني أقنعت نفسي بعدم جدوى شراء الكتاب، فلدي من الكتب والروايات الجديدة التي لم اقرأها، منها كتب اشتريتها من بيروت منذ عدة سنوات ولم يأت الدور عليها.. لكن الغريب ظل اسم القندس في مخيّلتي بل يطاردني الى درجة ظننت اني قد حلمت فيه، فلقد استيقظت في أحد الأيام وأنا أقول القندس وصورة الكائن المرسوم على الغلاف ماثلة امامي فعزمت ان اشتري هذا الكتاب حتى لو تطلب الامر الذهاب للبحرين خصيصًا له لكن وجدت الكتاب يوم امس في مطار الشارقة فاشتريته، والتهمت اول 68 صفحة من الكتاب في 40 دقيقة، ووجدت نفسي امام قطعةٍ فنيةٍ وروايةٍ رائعة بالرغم من تحفظي الشديد على بعض المقتطفات التي لو ازيلت فلن تؤثر على القيمة الأدبية للرواية.

المهم في الامر اني عرفت ما هو القندس الذي حيّرني مع اعترافي بأني لم ابذل جهدًا لمعرفته اعتقادًا مني ان هذا هو اسم من خيال المؤلف وليس اسمًا لحيوان!! القندس لا يعيش في بلادنا ولا اعتقد اني رأيته والمؤلف ذهب للدراسة في بورتلاند بولاية اوريغون الامريكية وشاهد هذا الحيوان يخرج من النهر فنسج روايته حوله. هذا القُنْدُس ويسمى بالإنجليزية (Beaver) وهو حيوان ثدييّ يُعد من القوارض المائيّة من فصيلة السَّمُّورِيَّات يعيش عادة في الماء قائمًا بصورة دؤوبة على بناء السدود من أخشاب الأشجار التي يقوم بتقطيعها بأسنانه الحادة، ويعتبر هذا الحيوان أمهر مهندس في بناء السدود، ويبني مسكنه تحت سطح الماء لحمايته من الاعداء وإذا شاهد قندس عدوًا يقترب منه فإنه يضرب بذيله محذرًا الآخرين وفي الحال تندفع القنادس غاطسة في الماء لتكون في مأمن من الحيوانات ويمكن مشاهدة افلام عن القنادس في الشبكة العنكبوتية.

دعونا نعُد للمؤلف الذي لا أعرفه والذي جمع بين الادب والشهادات العلمية العالية ويُعدّ مكسبًا للادب السعودي الحديث، هذا الشاب الذي اصدر روايته الاولى «سقف الكفاية»، وهو في العشرين من عمره وكانت مثار جدل، حيث تناولها الكثير من كبار الأدباء والنقاد السعوديين بالنقد مثل: د.غازي القصيبي (رحمه الله)، ود. عبد الله الغـذامي، ود. معجب الزهراني، والناقد محمد العباس وغيرهم. أما الرواية…. فهل تستحق قيمتها؟؟.. أترك لكم الاجابة.