arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى قراءات نقدية في القندس

سكاي نيوز العربية

القندس.. علامة في الرواية السعودية

أحمد مصطفى

كاتب مصري

رغم أن رواية ”القندس“، الصادرة عن دار الساقي في بيروت للكاتب السعودي محمد حسن علوان، صدرت قبل نحو عامين إلا أنني انتهيت من قراءتها مؤخرا مكتشفا علامة مميزة في الأدب السعودي الذي لم يعرف عنه كثيرون من أبناء جيلي أبعد من “مدن الملح” لعبد الرحمن منيف وربما كتاب تحول لدراما تلفزيونية (”شقة مصر الجديدة“ لغازي القصيبي).

وبفضل جائزة ”بوكر“ للرواية العربية ـ ومقرها أبو ظبي ـ تعرفنا على رواية علوان التي كانت ضمن القائمة القصيرة للأعمال الست المرشحة لجائزة هذا العام.

ورغم أن رواية أخرى لكاتب كويتي فازت بجائزة البوكر العربية فإن الروايات الست التي وصلت إلى القائمة القصيرة حظيت بالاهتمام لجودتها.

وبتوصية من صديق في لندن ”ناهم للكتب“ وصديق روائي أردني أثق في ذوقه، قرأت رواية علوان دفعة واحدة.

القندس: لغة مميزة، وسرد ممتع وصور وتعبيرات تحيلك إلى كتابات مميزة في الرواية العربية والعالمية دون أن تشعر أن الكاتب يقلد هذا الروائي الشهير أو ذاك.

صحيح أن علوان لم ينسخ طريقة ”الكتاب في الكتاب“ التي كان أشهر من اعتمدها الكاتب البريطاني لورانس داريل في كتابه الشهير ”رباعية الإسكندرية“، إلا أن بحث بطل روايته عن العلاقات الاجتماعية للبدو جنوب الرياض ضمن دراسته الجامعية الفاشلة جاء أقرب إلى ذلك.

تأخذك اللغة السهلة والملغومة في الوقت ذاته وطريقة البناء الروائي – الأميركية إلى حد ما – إلى أجواء وعوالم دون تلقينية تقريرية كما في بعض الروايات التي تعتمد كتب خطط المدن والمجتمعات.

حتى القصة داخل القصة عن أبها وحياة بدوها مكتوبة على لسان شخصية حية (عجوز مريض) يستدر الراوي منه الحكاية في إطار علاقة إنسانية ما، يستكملها البطل من عمته الأرمل باللعب على مكبوتها الأنثوي.

سرة الرواية هي علاقة البطل بمحبوبته التي تركته وتزوجت في بداية حياتهما وظلا على علاقة غريبة يصورها محمد حسن علوان في شكل رائع وعميق.

لكن الكتاب يزخر بالصور والحكايات التي تكشف الكثير من جوانب الحياة في العاصمة السعودية الرياض وقت حرب الخليج وما بعدها.

ومع أن البطل الراوي في الكتاب يدخل أحيانا في مونولوجات طويلة أحيانا، إلا أن الصور واللغة والأحداث تضفي تشويقا محببا على النص.

أعترف أنني ـ ككثيرين أعرفهم ـ تفادينا ”الاحتفاء“ المبالغ فيه من قبل الإعلام بأعمال أدبية سعودية لأن الترويج لها كان أقرب لطريقة ”الخواجات“ حين يهللون: ”أوه، واو، أدب سعودي“.

لكن بعد قراءة القندس، لا أظن أن المرء عليه انتظار عبد الرحمن منيف آخر.. فيبدو أن هناك مبدعين كثيرين في السعودية الآن وغدا ربما يبزونه.