arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى قراءات نقدية في الرحيل

صحيفة الخليج الإماراتية

«الرحيل».. سيرة الإنسان بحثاً عن الرزق

يناقش كتاب (الرحيل.. نظرياته والعوامل المؤثرة فيه) للكاتب محمد حسن علوان، معنى كلمة الرحيل من خلال تعريفات اعتمدت على مصطلحي «التنقلية» و«الهجرة» باعتبارهما أكثر مصطلحين شيوعا في دراسات الرحيل المنشورة باللغة الإنجليزية التي كتبت بها أغلب دراسات «الرحيل» القديمة والحديثة.
تتباين هذه التعريفات بحسب ما يؤكد المؤلف بشكل طفيف أحيانا وجوهري في أحيان أخرى ويتحدد هذا التباين في المفهوم والنطاق بناء على الأهداف المرادة من صياغة التعريف.
يدرس علوان تحت عنوان تاريخ الرحيل البشري حقبة ما قبل التاريخ: الخروج من إفريقيا التي يعتبرها أقدم توثيق لبداية مشوار الإنسان في الرحيل، وتعد هذه النظرية قارة إفريقيا مهد البشرية الأول، ومنها انتشر الإنسان في الأرض، وظلت هذه النظرية محض افتراض قائم في دراسات الآثار والأحافير والجيولوجيا بلا أدلة علمية حتى ثمانينيات القرن العشرين، عندما أدلى كل من علم الجينات البشرية وعلم الأنثروبولوجيا الحيوية بدلوهما،ليثبتا بشكل شبه قاطع صحة هذه النظرية.

اشتمل الكتاب على مقدمة وخمسة أبواب هي: (مفاهيم عامة حول الرحيل) و(نظريات الرحيل)، و(العوامل المؤثرة في الرحيل)، و(الرحيل العكسي) و(النقد الأسلوبي لدراسات الرحيل).
وتضمن الباب الأول محاور عدة منها: تعريف الرحيل، تاريخ الرحيل البشري، حقبة ما قبل التاريخ: الخروج من إفريقيا، حقبة الزراعة، نشوء الحضارات، العصور الوسطى، من القرن الثامن عشر الميلادي وحتى الوقت الحاضر.
ناقش المؤلف في الباب الثاني، النظريات الأولى في الرحيل، والمدرسة الكلاسيكية الجديدة للرحيل، المدرسة الهيكلية للرحيل، مدرسة الاقتصاديات الجديدة، النظريات المستقلة، جدلية التفاؤل والتشاؤم في نظريات الرحيل.
وهو يتوقف عند النظريات الأولى في الرحيل التي تعود تاريخياً إلى القرن السابع عشر، حيث ذكر عالم الاقتصاد البريطاني المعروف آدم سميث في كتابه الشهير «ثروة الأمم» عام 1776 كيف أن تباين الأجور بين البلد الأم وبلد الهجرة يؤدي إلى تدفق العمال بينهما،
لا سيما إذا رافق ذلك زيادة في الطلب على العمالة في بلد الهجرة ووفرة في البلد الأم.
ويحلل المؤلف نظرية آدم سميث بوصفها تنطوي على أمرين مهمين الأول: أن تناوله لمفهوم الرحيل كان مقصورا على فئة واحدة فقط وهي فئة العمالة، وهو الذي درجت عليه معظم نظريات الرحيل القديمة، والثاني: أن العاملين الذين ذكرهما سميث بشكل عابر في كتابه الذي صدر قبل أكثر من قرنين من الزمان لا زالا حتى الآن عاملين رئيسيين في دراسات الهجرة، وما زال باحثو الرحيل يحوران فيهما نظريا ويمحصانهما تطبيقا باعتبارهما محركين رئيسيين لعملية تدفق المهاجرين حتى يومنا هذا.
في الباب الثالث يدرس المؤلف العوامل الاقتصادية من حيث فارق الأجور الذي يعد الأكثر حضوراً في دراسات الرحيل وهو يناقش كذلك بعض ما قاله علماء ومختصون كعالم السياسة البلجيكي ارستايدي زولبيرج الذي يرى أن عدم المساواة بين الدول على مستوى العالم هو البنية الأساسية التي قام عليها الرحيل.
في هذا الباب ينظر المؤلف لأقدم النظريات التي سعت إلى تفسير الرحيل وكانت ترتكز على تباين العرض والطلب بالنسبة للأيدي العاملة بين الدول التي تتوافر فيها بكثرة والدول التي تفتقر إليها، ففارق الأجور كعامل من عوامل الرحيل يتأثر بشكل أو بآخر بالعرض والطلب في الأيدي العاملة، وكذلك توافر فرص عمل يرتبط بقوانين العرض والطلب لمختلف السلع.
في الباب الرابع يتوقف علوان عند تغير القدرة الشرائية للعملة فيقول «تفترض المدرسة الكلاسيكية الجديدة أن استمرار تصاعد أجر المهاجر في بلد الهجرة سيؤدي به إلى إطالة أمد هجرته، غير أن هذا الافتراض لا يأخذ في اعتباره تغير القدرة الشرائية للعملة التي يتقاضى بها المهاجر دخله بالنسبة لوطنه الأم».