arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى قراءات نقدية في صوفيا

جريدة القدس العربي

البشر يعيشون حياة الشياطين بانتظار موت يحولهم إلى ملائكة

غادة الكاتب

كاتبة أردنية

في روايته (صوفيا) الصادرة عن دار الساقي ـ يكتب الروائي السعودي الشاب محمد حسن علوان عن الحب والموت، وكأنه يكتب عن عالمين مختلفين، يري أن نتائجهما تصب في مصب واحد، ألا وهو الملل. يستدرجنا علوان في بداية روايته بالحديث عن الملائكة، في محاولة لتهيئتنا لدخول العالم الروحي، والحسي، المحيط بأجواء الرواية فيقول رأيت كيف تموت الملائكة، ورأيت كيف يشبه ذلك غروب الشمس الأولي من التاريخ (…) الموت بالنسبة إلي الملائكة مختلف، ربما لا يعني أكثر من فقدان متكرّر لذاكرة الحالة السابقة! ، لنكتشف من خلال الطرح أن ملاكا محددا أوصل علوان إلي هذه الحقيقة، ألا وهو (صوفيا)، المرأة التي تواصل معها في البداية عبر شبكة الانترنت، ثم عاش معها شهرين في شقتها قبل أن تموت. فهي لم تكن ملاكاً.. ولكنها تموت في الطريقة نفسها .بلغة شعرية، وبوصف من داخل النص، يدل علي حبكة متينة وسعة خيال يقدم لنا علوان حكاية حب بين معتز الشاب السعودي الثلاثيني المسلم، وصوفيا، الفتاة اللبنانية المسيحية المشرفة علي الموت، رغم أنها تصغر معتز بعام، والتي أرادت ألا تفلت منها الحياة حتي اللحظة الأخيرة.الحكاية ـ المأساة ـ تشبه الجرح المفتوح، حيث كل شيء يضمحل وتبهت ألوانه أمام امرأة تريد الحياة ويريدها الموت ويتمسك بتلابيبها من دون أن تتفلت منه. فهذا المرض الخبيث يأكل شبابها لقمة بعد لقمة، وهي تري أن من حقها أن لا تستسلم بهذه السهولة، وأن تخوض مع الموت معركة تراها عادلة، حين تقرر أن تتصدي له بالحب، وبالتمرد من خلال العيش بين ذراعي رجل، اختارته دون الجميع لتلفظ بين يديه أنفاسها الأخيرة.صوفيا إذن امرأة تموت وتحب في الوقت ذاته، تختلف ثقافتها عن ثقافة معتز، الرجل الذي هبط عليها من السماء، فيما هي بأشد الحاجة إليه وعندما تحتاجه ويتردد تقول له أحتاج إلي جسمك شعرة شعرة. لا أبالي بالجيران ولا بأهل البناية كلهم. لا يبالي الموتي بثرثرة الأحياء يا حبيبي .قد لا نستغرب هذا التحدي من قبل صوفيا، اللبنانية التي عاشت في الحرب الأهلية ثلاثة أرباع حياتها، فتعودت أن يكون عدد الناس غداً أقل منهم اليوم . الأمر الذي جعلها تجمح بأسئلتها حول الكون، كأن مرضها صوّر لها أن من حقها أن تصل إلي حقيقة تشرح لها الحكمة في وجودها بالحياة. في حين يقف معتز محايدا أمام ذلك كله، ليس بسبب اختلاف ديانتهما، بل لأنه لم يستطع الوصول إلي طريقة يشرح بها مفاهيمه ومشاعره الصادقة تجاه كل ما يحدث، يقول معتز وأمام التساؤلات الموجهة نحو القدرة الإلهية كنت أنسحب دائماً. لقد أدركت منذ طفولتي أن الله صامت، صامت جداً. وكنت أمام خيار أن أتخيّل أن له طريقة مختلفة في الكلام. وهذا الخيار الأخير كان محرضاً جداً أن تصبح كل الأحداث التي تحدث أمامي كلمات إلهية، أنا أشعر بها، أسمعها جيداً لأنها حدثت. الله لا يصمت أبداً، ولكنه لا يتكلم ولا يجيب بالطريقة المعتادة. إن الله عظيم إذاً، لأنه غير رتيب، هذا يتفق معي جداً، وأنا أحبه لذلك .وتستمر المأساة علي نحو تصاعدي. موصوفة بتلك اللغة المذهلة التي يتمتع بها الكاتب علوان، والتي يطعمها بالفلسفة والمناقشات علي لسان الشخصيتين (صوفيا ـ معتز) علي مدي ما يقارب مئة وخمسين صفحة داخل غرفة واحدة تقريباً.مثقفة هي صوفيا إذاً، وتستطيع أن تفلسف بعض الأشياء. هذه فتاة علي مقاس الحب وذوقه (…) حتي جسدها كان مثقفاً، لذا أرادت ألا تفلت منها الحياة حتي اللحظة الأخيرة، هي التي عاشت مأساة حرب بيروت وقُتلت أسرتها في قذيفة دمّرت البيت في المنطقة الشرقية، وعاشت بعد ذلك في تلك الشقة الصغيرة ليدهمها هذا المرض الخبيث بعد أن تخلت عن العالم بارادتها .وها هو معتز يأتي إليها ليشاركها آخر لحظات حياتها، بعد أن تعرف إليها عبر الانترنت، هو الرجل الذي يأكله الفراغ والملل بعد أن طلق زوجته، فيجد في نداء صديقته الجديدة اللبنانية المريضة مخرجا من الملل، وحين يأتي إلي بيروت، ما تلبث مغامرته أن تصيبه أيضا بالملل، الذي يستمر معه طوال فصول الرواية. لقد حاول علوان من خلال استعراضه لحياتي معتز وصوفيا، أن يعقد مقارنة بين الموت من شدة الملل، والموت من شدة الحياة، فمعتز يعاني من مدينة تغلق أبوابها في وجه معاني الحياة الخفيفة المرحة المنطلقة التي يحلم بها ويبحث عنها فلا يجدها، في حين تحبس صوفيا نفسها وحيدة في غرفة، داخل مدينة تحتفي بكل أشكال الحياة المتفتحة البهيجة السعيدة، لأنها غير قادرة علي التمتع بمباهج هذه الحياة، كونها مشرفة علي الموت بسبب مرضها الخبيث. من هنا، تقرر صوفيا أن تنقل الحياة إليها، إلي صومعتها ـ غرفتها ـ التي تفلسف فيها الحب، والخطيئة، والعقاب، والمغفرة، فتقول بلهجتها البيروتية الواضحة شوف.. ما فينا نمثل علي الله! بنكون زي ما نكون، هو خلقنا، وهو بيعرفنا أكثر منا، ما فينا نقول إنا بنحبه ونحنا ما بنحبه. ما فينا نقول نحنا مؤمنين ونحنا مَنا مؤمنين. بنكون زي ما نكون وهو بيتصرف .أمام هذه الفلسفة الإيمانية المختلفة عن فلسفته، يجد معتز نفسه أمام امرأة مختلفة، أخلت مسؤوليتها أمام إلهها بعبارة واحدة ثم نامت فوقه! كأنها تدفع معتر لمخاطبة إلهه بنفس الفلسفة أنت الذي صنعت هذا الطوق الممل يا الله، وأنت الذي تركته ينكسر. وأنت الذي أردت لها أن تموت، وجلبتني إليها بأقدار أخري. أنت الذي صنعت الموقف. وأضجعت الجسدين متجاورين في الهزيع الأخير من بيروت. أنت خلقتني وخلقت صوفيا .ويفاجئنا علوان بالعودة إلي الحديث عن الحرب الأهلية في لبنان مرة أخري، لكنه هذه المرة يستخدم هذه العودة لإعطائنا مثالا علي أن الموت ينجح دائما في سرقة الحياة، حتي من الأشخاص المتشبثين فيها بقوة، ويسرد علوان علي لسان صوفيا قصة القناص الذي يأس من إصابة أبيها المصر علي العيش، رغم يقينه بأن القناص علي مرمي طلقة منه، ولكي يفوت عليه فرصة قتله، ينتقل أبو صوفيا بين أجزاء البيت المدمر، محتمياً بحمله لأحد الأبواب، و في لحظة ذكاء وحشي نادرة قرر القناص أن يتناول الضحية الذكية بقذيفة صاروخية ليحيل والد صوفيا بثوان معدودة إلي أشلاء متناثرة ضاعت معالم جسده حين تحولت إلي غبار كما المبني المتهدم . ويستمر سياق السرد في دفع كل من صوفيا ومعتز لأن يسقط حالته النفسية علي ما حوله، وعليه، في محاولة لجعل الأشياء في مواجهة الموت تبدو أجمل. فهذا معتز الذي سمح لنفسه بالخروج من الشقة التي يعيش فيها مع صوفيا وشبح الموت ثالثهما، يري بيروت مختلفة كأن ما كان يراه عند صوفيا انعكس حتي علي الأشياء وقفت أتأمل صخرة الروشة، وهي منحنية علي البحر. وكأنها مقبض حقيبة يحمل الله بها الأرض إذا سافر. وهذا يجعلها أكثر نفعاً لو أن الله يسافر. ولكن يبدو أن السماوات المطويات بيمينه لا تحوجه إلي سفر ما، والي أين ، وسرعان ما يهبط الغروب ـ في إشارة إلي حياة صوفيا المشرفة علي الأفول ـ فيسرق من معتز فلسفته حيث بدت صخرة الروشة أثناء الغروب وكأنها شيخ سجد منذ ألف سنة ونسي أن يعتدل . لقد أراد علوان أن يجعل من بطلي روايته رمزا مجازيا لمجتمعات تعيش غير بعيد عن الوقائع الفاجعة والمصائر المعلقة في انتظار الموت كقدر صارم لا مهرب منه إلا إليه.فشخصية معتز هي رمز للرغبة في الموت من كثرة الحياة التي أنتجتها الطفرة النفطية في الخليج العربي، حيث وفر المال لبعضهم عيش الحياة بعرضها وطولها، وتجاربها المختلفة مما جعلهم في نهاية المطاف يتردّون في مهاوي الملل والفراغ واللامعني، حتي أن ولع معتز بالغرابة دفعه ذات مرة إلي الرغبة في ارتكاب جنحة عنوة لدخول السجن بغية التخلّص من رتابة التكرار، ثم هاهو يقوده إلي خوض تجربته مع امرأة علي شفا الموت، فيراقب كيف تموت الملائكة وتذوي وتتغير، ويرصد ما يتعاقب عليها من حالات. في المقابل، تشكل صوفيا شخصية قوية، شجاعة، تواجه قدرها برباطة جأش، ووعي بما تريد وتفعل، فهذه المشارفة علي الموت تتخذ من القرارات الجريئة. ما يليق بما تبقي من عمرها، الذي قررت أن تعيشه رغم قصره جميلة، علي ان تطيله وهي من دون جمال، فترفض العلاج الكيميائي الذي يمكن ان يمنحها أشهراً او سنوات عدة، لأنه يؤدي الي تساقط شعرها البني . وهكذا، تقرر صوفيا عيش ما تبقي من أيامها بمعنوية عالية ومن دون انزواء. وعلي رغم الاختلاف بينها وبين معتز في الجغرافيا والدين والدوافع والحال الاجتماعية، لا تتردد صوفيا في الانخراط معه في علاقة أرادتها نهاية سعيدة لحياتها، ومختبراً لأحاسيس جديدة وتجربة مختلفة، يقول معتز منذ سؤدة الليل الأول، حوت ذراعاي جسدها الذي أنحله المرض، واعتليت صهوة الرغبات الأصيلة، وارتعشت الفتاة بين يدي طويلاً. وتألمت أكثر، ورأيت كيف تصارع في عينيها فارس الموت وفارس الحياة وتلوّن وجهها مثل فانوس مجنون، والتصقت بي مثل سمكة جائعة. ولم تعد صوفيا عذراء. لم تعد عذراء أبداً .لكن كيف يكون الحال حين يختلط جنون التغيير، بهلوسة الحب، بالاتزان في مواجهة الموت، ثم بالتبتل في أحاسيس الشفقة، الإجابة ترد علي لسان معتز وهو يقول في الأيام التي قضيتها معها فتحت صوفيا مشاعري واستأثرت برحمتي كلها. لا أتذكر أنني أشفقت علي كائن مثلها. ولا أودعت في قرارة صدري منذ ولدت أمنيات بقدر ما تمنيت لها يد مسيح تبرئ جسدها من كل ما يؤذيها بمسحة طيبة؟ كنت أحلم بأن عندي لؤلؤة أصب منها في جسد صوفيا دماً جديداً. بدلاً من الذي امتلأ بالأوجاع. وثقلت عليه رحلته في أورادها .لقد انسل هذا الشاب الشرقي ـ في غمار بحثه عن حياة خارج الملل ـ من ثوابت واساسيات كثيرة، بني عليها حياته، متسأنسا بحيوات من سبقوه ومن عاصروه، ومن ربما يأتون بعده من الرجال، ويروح يبدل في حالات الأشياء والكلام والسلوك والعلاقات والعمل، حتي أنه يعتبر موت والديه تغيراً في الحياة له وجهه الايجابي، ويطلّق زوجته بعد سنوات ثلاث من الزواج، ويبرر انجذابه الي صوفيا بقوله: هي امرأة نهرية لا يعنيني مجراها، المهم انها لا تكف عن الجريان ، ويقول بشيء من التفاخر المعجون بالنفس الذكوري الشرقي إن بقايا التوجه الأنثوي المتراكم فوق عذرية طويلة، نزفتها صوفيا كلها علي جسدي (…) وهي تدرك لأول مرة معني أن يصبح نصف جسمها الأسفل غير مقيّد بقوانين نصفه الأعلي . إن هذا جعلها تختبر نشوة لم يتنبأ بها سريرها الواسع الذي تلمس أطرافه سيقان النباتات المتسلقة. فـ ثمة شيفرة جديدة للمشي الآن من دون أسرار . ويؤكد هذا النفس تخليه عن صوفيا، وهي في المرحلة الاخيرة من حياتها، حيث يخبرها بضرورة عودته الي بلاده، فيما هو بالحقيقة، ينتقل إلي فندق قريب، يلتقي ببعض اصدقائه، ويعيش معهم حياة من السهر والعربدة.وفيما يعتقد القارئ أن معتز وصل بالدناءة إلي نهايتها في تغيبه المتعمد عن صوفيا، وهي في مراحل صراعها الأخيرة مع المرض، يكشف لنا الكاتب عن وجه آخر من هذا الرجل الشرقي، الذي يقرر العودة لصوفيا بسبب لحظة خوف داهمته من أن يدخل حياتها رجل آخر، فـ تحركه الغيرة بالتسلل إلي شقتها ـ ومعه مفتاحها دائماً ـ متوقعاً أن يجد رجلاً بين أحضانها ما يبرر له هجرها، لكنه لا يجد أحداً، يجدها نائمة، فيتسلل وينام إلي جانبها ويحتضن يدها، لا تستيقظ بسبب الأدوية المنومة، ولكنها عندما تصحو صباحاً، لا تسأله عن الإخلال بوعده انه سيغيب يومين فقط، وهو في الواقع غاب عنها تسعة أيام، بل تفرح به فرحاً كبيراً.. المهم انه عاد .بهذه الطريقة المبسطة يترجم لنا علوان بيئة معتز، ثقافته الاجتماعية، ووعيه العاطفي، فنحن كشرقيين نعتز بالأشياء المغلقة: بيوتنا مغلقة، ثقافتنا مغلقة، وحتي النساء يكن أجمل وهنا مغلقات بالعذرية .وينجح علوان بأسلوبه الروائي الفذ في الهروب بالقارئ من براثن الملل، والذي هو محور روايته، كون هذه الرواية تشتمل علي بطلين اثنين، تدور حياتهما الآنية، والماضية، وربما بعض تصوراتهما المستقبلية، وحتي رؤيتهما الغيبية في شقة صغيرة، طيلة شهرين هما عمر علاقتهما معا، لكنهما في الوقت نفسه هما كل ما تبقي لصوفيا من زمن تعيشه في هذه الحياة. لكن علوان لا ينسي وهو يعالج مضمون روايته بما فيها من حب وملل، وسعادة مودية إلي موت، وشقاء مفض إلي حياة، لاينسي علوان كيف يعطي للقارئ حظه من ذلك كله، بل إنه يستدرج بطل روايته معتز ليشاركه هذا الأمر، من خلال قراره تدوين تجربته مع صوفيا كتابة. يشرح من خلالها كيف اختبر مشاعر إنسانية مختلفة، منها حب المغامرة والرحمة والإحساس بالواجب والشفقة والحب والرغبة في الهروب والضياع والحيرة والإرهاق والشعور بالذنب والضعف والسعادة والانقباض والنفور والضيق والغثيان. لكنه يراها في مجملها، وسيلة لحياة كتب له أن يعيشها علي شفا هاوية سحيقة معتمة، وهو يعي كل الوعي بأنه يقف مع صوفيا علي حافة الموت. يقول معتز أنا لا أعرف الكثير من الكتابة، ولست معتاداً عليها، ولكنني أصر علي رصد صوفيا في أوراق، لأني شعرت بأنها شهابٌ مغبون جداً في أطراف السماء .يأتي الموت في نهاية الرواية ليضع حداً للحياة بشكليها، الموت في حضرة الحياة، والحياة في حضرة الموت، وكلاهما يرتكزان علي المعني العميق للفقد، وفي اللحظات الأخيرة من حياة صوفيا يدرك معتز انه يفقد المرأة التي أحب، ومع شهقات الوداع، ينحني ليقبل شفتيها وبمجرد لمسهما كان علي أن أتشبث بالشفتين قليلاً لأصنع القبلة، وأذكر أن شفتيها كانتا منهكتين جداً، حتي أنهما انسحبتا مع فمي. ولم تستطع صوفيا أن تعيد انطباق شفتيها إلي الوضع المعتاد. وظلت شفتاها مبعثرتين. صوفيا عاجزة حتي عن أداء دورها في القبلة كما ينبغي، تركتني افعلها أنا. بينما شخصت بعينيها في جبيني وكأنها ظنت أني ملاك الموت .ورغم كل مظاهر الضجر والسأم التي بثها فينا صوت معتز طيلة أحداث الرواية إلي أن اختتمها بها، إلا أن الكاتب علوان استطاع أن يقفز بنا فوق وجع الموت، وفوق ملل الملل، لنتوهج ببعض صوره الشعرية الجميلة هل تعودين؟ اتركي عندي رقم غيمة، ارسمي الطريق علي جبيني بإصبعك الواهنة هذه، وسأتذكرّه حتماً، أعطيني أي شيء منكِ يضيء باتجاهك يوماً ما .بهذه اللغة الشاعرية المتقنة، استطاع علوان تكثيف مشاهد المرض والموت والملل، ليدخل بها إلي أعماقنا، ويبثها في تلافيف أدمغتنا، بحيث تتحول إلي خلفية لكل حدث نعيشه، فيما تحولنا إلي مشاهدين، منساقين لحقيقة أطلقها علوان علي لسان بطل الرواية معتز حين قال كل حركة مسرحية كونية نصفق لها شجناً، ولا ندرك أن وراءها حتماً، موتاً لائقاً بملاك . ليودعنا بعد ذلك بكلمتين محشورتين في آهة تنطلق بصرخة أشعر بالملل .