جريدة الزمان
أحاسيس ملونة في الزمن المر
شاعر وكاتب عراقي - يكتب في جريدة الزمان اللندنية
يعتمد الكاتب السعودي محمد حسن علوان المولود في الرياض عام 1979 والطالب في السنة النهائية بكلية الحاسب الآلي بجامعة الملك سعود – قسم نظم المعلومات على أسلوب المناجاة المتزامنة مع ضربات القلب وتكثيف المشاعر المسحوقة والمنفلتة في آن واحد، فراغات روحية لا تجد طريقا للامتلاء، هموم إنسانية يتأملها الكاتب يحاول أن يبثها إلى القارئ محولا إياها من الهم الشخصي الإنساني إلى المحور العام فيكتب عن أحزانه التي تضاعف نفسها مثلما يكتب الشعر بعد أن تتخمر الكلمات.. ولهذا يبدأ بهموم إنسانية مخاطبا (مها) الرمز الأنثوي ومحور الرواية، تاركا كلماته تنفض عنها ما يقيدها وتحكي لنا بحميمية تحت سقف يمتلئ بجموح الذاكرة، وحينما تنضج الكلمات تفر من أسطر الرواية فتصير شعرا (ص24).
”الفجر يأتيني كئيبا
طاويا رئتيه
معتلا..
وحيدا..
غامسا قدميه في ماء السهر!
الأربعون ليلة..
مرت، وقلبي
يرقب الذكرى،
ودقات القدر“
يدس اعترافات رجولية بين سطور النص معتمدا عبارات سافرة وصريحة ملتقطا صورا إنسانية متداخلة ومتضاربة.
(هنئوه جميعا بك ولم يعزني فيك أحد ص30)
(تبلغ الذكورة بلذة وتبلغ الإناث بألم ص36)
(لا توجد أمراءه قوية هناك فقط رجل ضعيف ص46)
ويستمر يستل أوراق روحه يستلهم من (مها) كل ما ضاع من قصة الحب في الذاكرة، مع ما يرافق هذه الأحاسيس من خوف العاشق وأحساسات الممتلئ بالخوف والرعب من الانفلات في المكان والزمان الذي تغلفهما الأعراف والضوابط الفولاذية.
وينتقل من المناجاة والوصف العام لمحنة الروح ورغبة الجسد إلى الانفتاح على المكان من خلال (ديار العراقي) فيحكي عن محنة الوطن الذي تبعثر إلى شظايا.
”في الشرق وطن يحترق وأنا بعض هشيمه المتطاير“
”ربع قرن والعراق يحترق“ ثم يأتي على وصف مرير لاختلاجات أرواح الناس الفارة من الغزو وتفاصيل اللحظات المغلفة بالحزن والأمل وهنا يقع الكاتب في مطب التداخل الغير متطابق مع الواقع التاريخي في العراق منها:
أن عبد الكريم قاسم لم يكن عقيدا عند قيام ثورة 14 تموز ، ولم يقم بقتل العائلة المالكة بيده وبرشاشته، ولم يكن من بين القتلى أطفال رضع في المهد، ولم يقتل عبد الكريم برصاص رفاق دربه وغيرها من الأحداث الذي لم يكن (ديار) موفقا في نقلها للكاتب بعد تداخل في الحوار بينه وبين الكاتب ينتهي حول مساوئ المذاهب التي تفرق الناس حين يوحدهم الدين.
سقف الكفاية رواية تعبر عن اختلاجات روح الكاتب وتنهج لغة تبتعد عن النهج التقليدي المألوف في الرواية العربية ومقاساتها وتتحدد في الزمان والمكان الذي يتنقل بالأشخاص المثقلين بغصات الحزن والأسى بعد أن دخلها ديار من باب جانبي ليكون رمزا للضياع الإنساني العراقي والاستلاب في زمن المحنة ودخول وصفي للمعاناة التي يشعرها العراقي داخل بلادة الطافحة بالأوجاع والضياع والإرهاب والجنون.
ويستعين الكاتب ليس بأشعاره وأبيات من باقي الشعراء بل بكلمات أغاني لفيروز وكاظم الساهر ونجاة الصغيرة ويطعمها بعبارات ينتقيها من بين كتب القصة والشعر والرواية، وتنتهي الرواية التي أرادها الكاتب بفصول ثمانية ختمها بالفصل الأخير دون مقدمة وتشعر أنك تقرأ لغة سهلة تبتعد عن الرمزية والحوارات المملة والوصف التقليدي ويعتمد الكاتب على التنقلات في الشخوص الذين يرتقون تارة إلى السقوف العالية وأخرى إلى سقف الكفاية.