arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى المقالات الإعلامية

الروائيُّ السعوديُّ محمَّد حسن علوان لـ(الثورة):

يجب ألا نتعجب من كثرة الروايات السعودية.. لأن العجب هو قلّتها

جريدة الثورة اليمنية

حوار/ عبدالمجيد التركي

يكتبُ ببساطةٍ ممتنعةٍ لا يتقـنها إلاَّ القلائل.. بساطة تدهشك بين كلِ سطرٍ وسطر.. وحقولٌ من القشعريرة ترقدُ تحت سطور رواياته..
إنه محمَّد حسن علوان.. الروائيُّ السعودي.. بل هو واحدٌ من أساطين الرواية السعودية رغم أنه لا يزال في أواخر العشرينات.. إلى جانب ذلك فهو قاصٌّ وشاعرٌ وكاتبٌ صحفيٌّ متميز.. لكن شهرته كروائيٍ – في الوسط الثقافي السعودي خصوصاً والعربي عموماً – طغت على القاص والشاعر والكاتب ..

يمتلكُ القدرة على تفجير لغمٍ بين نبضتي قلب حين يكتب عن الهامش – بعدسة شاعرٍ- ويحيله إلى متنٍ شاهقٍ.. رغم أن هذا الهامش في متناول عيوننا التي تمرُّ عليه ولا تراه.. لأنه يكتب بعمق الفلاسفة وأناة الحكماء وتمرُّد الشعراء.
أصدر روايته الأولى (سقف الكفاية) عام 2002م وهو في الثالثة والعشرين من عمره وأثارت جدلاً واسعاً حول جرأة طرحها وقوة لغتها وتماسك مضمونها.. وكتب النقادُ عنها الكثير من الدراسات النقدية.. وأقلامٌ كبيرة كالدكتور عبدالله الغذامي والدكتور غازي القصيبي وآخرون كـُثر..

(الثورة) التقته وأجرت معه هذا الحوار:

أكتبُ الرواية متى شئت

بين الشاعر والروائي.. يبدو أنك لم تكن وفياً للشعر كالرواية؟

الرواية مشروع ذو مراحل، والشعر وقتٌ فارِه.. أستطيع أن أكتب الرواية متى شئتُ أنا، ولا أملك هذه الصلاحية مع الشعر.. لا أعتقد أن الأمر متعلق بالوفاء والخذلان بقدر ما أننا نمارس الأجناس الأدبية حسب حاجتنا إليها وقدرتها على معالجة انحباساتنا الشعورية بدقة.. حتى الآن لم أنقطع عن الشعر تماماً، ولكني ألاحظ تقلّص لحظاته بين يديَّ، ولا أعرف إذا ما كان السبب وراء ذلك هو منعطفٌ فكري ما أو مجرد هجرة شعورية.. لا يقلقني ذلك كثيراً.. المهم أن تكون هناك كتابة تناسب الروح، أياً كان شكلها.

بين الإعلام والنقد

أصدرت روايتك الأولى (سقف الكفاية) وأنت في الثالثة والعشرين من عمرك.. هل كان اندهاش النقاد والكتاب لحداثة السن أم لقوة لغة الرواية؟

أظن أن ردود الأفعال الأولى كانت متعددة الأبعاد.. فهناك من علَّق بإسهاب على سنِّي يوم كتبتها ونشرتها، وهناك من علَّق على محتوى الرواية وتقاطعاته الاجتماعية، وهناك من علَّق على لغة الرواية وقالبها الفني.. في النهاية، أفرِّق كثيراً بين التناول الإعلامي والنقدي.. فهناك بعض النقاد يكتب قطعة صحفية وإعلامية تشبه الخبر، وتصنف على أنها رؤية أو دراسة نقدية.. وهناك من يكتب دراسة نقدية متمكنة ومستوفية لشروط النقد الأدبي والفني ثم لا تتجاوز صندوق بريدي.. أعتقد أن المهتمين والمنشغلين بالنقد قادرون على التفريق بينهما بسهولة.

قناعة

كُتـَّابٌ كثرٌ كتبوا عنك.. منهم من قال أنك تأثرت بأحلام مستغانمي لغةً وأسلوباً.. ما مدى صواب ما يذهبون إليه؟

روايات أحلام مستغانمي حفلت بلغة شعرية لم تكن معتادة في المشهد الروائي العربي رغم أنها كانت موجودة في نصوص نثرية من قبل.. وأنا قرأت رواياتها قبل أن أكتب روايتي الأولى، واقتنعتُ حينها أن اللغة ليست عنصراً دخيلاً على الرواية، بل مكون رئيس.. وكتبتُ روايتي على هذه القناعة.. وبهذا أستطيع أن أقول أن تجربة مستغانمي كانت حافزاً لتجربتي، وليس بالضرورة لغتها فقط.. لأني أظن أن كُتاباً كثر أسهموا بشكل مختلط في تشكيل لغتي، ومنهم أحلام.

ولادات طويلة

بعد إصدارك ثلاث روايات.. هل تعد الشعر مشروعاً مؤقتاً والرواية مشروعاً دائماً؟

أعدُّ الرواية مشروعاً زراعياً يحتاج إلى سقيا وحرث وصبر ليثمر، وأعدُّ الشعر عُشبةً بريةً يمكن أن تنجم من الأرض في أي لحظة دون أن ندبر لها خصوبة مناسبة.. الرواية تحتاج إلى عمل متنوع، وأفكار عديدة.. بينما الشعر لا يمكن له أن ينتظر هذه الولادات الطويلة.

راحة ورضا

عرفك الناس كروائي وليس كشاعر.. أيهما تفضل أن تكونه؟

أفضّل أن أكون الكاتب الذي يكتب ما يريح روحه، ويرضي قارئه.. أياً كان جنس الكتابة.

ضعف مقروئية الشعر

لديك في الموسوعة العالمية للشعر العربي ديوان شعري إلكتروني، هل تفكر بإصدار ديوان شعري مطبوع؟

لم أفكر في ذلك من قبل لما أراه من ضعف مقروئية دواوين الشعر المطبوعة، لاسيما وأن قصائدي منشورة في موقعي وليست متوقفة على الديوان المطبوع.. ولكن ربما أقرر ذلك يوماً ما.

الـ(أنا) .. أصدق وأقرب

في رواياتك الثلاث الخطاب بصيغة الـ(أنا)، هل يخدم الرواية حين تكون أقرب إلى السيرة الذاتية؟

لا أعتقد أن صيغة الأنا وحدها تحول الروايات إلى سير ذاتية.. كل ما في الأمر أني أميل لهذه الصيغة لأنها تبدو أصدق وأقرب إلى قارئها.. وقد تعودتُ عليها فحسب، وأعتقد أن طبيعة الروايات التي أكتبها في هذه المرحلة لا يناسبها غير هذه الصيغة الحميمة المعترِفة.

ثلاثية

ثلاثية نجيب محفوظ .. ثلاثية أحلام مستغانمي.. هل نقول ثلاثية محمد حسن علوان ..أم أن هناك معايير لإطلاق هذه التسمية؟

رواياتي الثلاث ليست أجزاءً متصلة، ولا علاقة لأيٍّ منها بالأخرى.. لقد صادف إجراء هذا الحوار في الوقت الذي ليس لي فيه إلا ثلاث روايات منشورة فقط.

أذواق!!

قيل عن باكورتك (سقف الكفاية) أنها أقوى معنىً ومبنىً من (صوفيا ) و( طوق الطهارة ) .. كيف ترى هذا القول؟

قيل ذلك، وقيل عكسه أيضاً.. الأمر مرتهنٌ بأذواق القراء وأمزجتهم ورؤاهم.

معايير

أيضاً لم تنل (صوفيا) و(طوق الطهارة) ما نالته (سقف الكفاية) من الاحتفاء الإعلامي.. بماذا تفسر ذلك؟

لأن (سقف الكفاية) كانت الأولى، فحصدت أبعاداً مختلفة من ردود الأفعال (صغر السن)، (جرأة المحتوى)، (طبيعة اللغة).. فتضاعف المنشور الإعلامي حولها.. أما الروايتان الأخريان فليس من المتوقع أن تتكرر نفس الأبعاد، وبالتالي انحصر المنشور الإعلامي بمحتوى الرواية فقط، وهذا هو الأهم.. أما بالنسبة للمعايير الأخرى، مثل أرقام التوزيع، فجميع الروايات الثلاث تحقق أرقام توزيع متقاربة جداً حتى الآن.

تفكيرٌ روائي

بإمكان الشاعر أن يكتب رواية وليس بإمكانية الروائي كتابة الشعر.. ربما لأن الشاعر يمتلك الأدوات التي تؤهله لقولبة الصورة بسهولة خارج الإطار الشعري.. هل استـنـزفتك الرواية شعرياً؟

لا أعتقد أن التعبير المناسب هو الاستـنـزاف، ولكن ربما أن انكبابي على الكتابة الروائية، والتفكير بشكل روائي، قد أثر بشكل ما في أساليب التعبير.. كتبتُ الكثير من قصائدي بعد صدور رواياتي ولا أجد أثراً كبيراً لانشغالي بالرواية على كتابة القصائد.

لا عجب

في العقد الأخير ظهرت الرواية السعودية بزخمٍ جديدٍ عبر أسماء شابـَّة ربما لم يُعرف عنها كتابة الرواية .. هل هو ظهور طارئ تهيأت له مناخات معينة .. أم أنه مؤشرٌ لإحداث تحوُّلٍ في الرواية السعودية؟

ما كان يكتب من الروايات في السعودية هو أقل بكثير مما يجب أن ينتجه مجتمع بحجم السعودية، وكل ما في الأمر هو أن الرواية السعودية راحت تستدرك هذا النقص مؤخراً، تنتج كمَّاً متناسباً مع مجتمعها.. يجب أن لا نتعجَّب من كثرة الروايات السعودية لأن العجب هو قلَّتها قبل ذلك.

ترجمة

معظم الروائيين العرب يكتفون بالبقاء داخل محيطهم ولا يفكرون بترجمة أعمالهم لتصل إلى قارات أخرى وقارئ آخر.. هل أنت واحد منهم؟

لم يعرض عليَّ أحدهم ترجمة أي من رواياتي حتى الآن، ولو وجدت عرضاً مناسباً لما ترددت.

تفريغ

الكتابة الصحفية التزام.. تكتب عموداً صحفياً أسبوعياً في جريدة الوطن السعودية.. ألا تؤثر الكتابة الصحفية على الكتابة الإبداعية؟

لا.. أعتقد أنهما مشروعان كتابيان مستقلان تماماً.. وفي الكتابة الصحفية مجال للتنظير والتحليل وطرح الأفكار المباشرة التي لامكان لها في الرواية، وبالتالي لعلها تكون طريقة إيجابية لتفريغ فائض التنظير حتى لا يجد طريقه إلى أسطر الرواية فيفسدها.

تشابهٌ شكلي

تكتب القصة القصيرة وتنشرها على النت.. ألا تفكر بإصدار مجموعة قصصية.. أم أنك – كبعض الروائيين – تعتبر هذه القصص فكرة أو نواة لرواية قادمة؟

أعتقد أن القصة القصيرة والرواية جنسان أدبيان مستقلان تماماً، ولا يربطهما ببعضهما إلا التشابه الشكلي.. وماركيز يؤكد على هذا التباين الكبير أيضاً.. وبالتالي لا توجد لدي نيَّات لتحويل أي منها إلى رواية.. عدم نشري للقصص القصيرة في مجموعة سببه أنني لم أكتب قصصاً كافية بعد لتملأ ما بين الدفتين.

توتـُّرٌ وانفعال

ألديك طقوس معينة للكتابة.. وهل تختلف طقوس كتابة الرواية عن طقوس كتابة الشعر؟

ليس عندي أي طقوس غير عادية للكتابة عموماً.. غير أن كتابة الشعر مرتبطة بالتوتر والانفعال الشعوري غالباً، مما يجعلها تبدو مثل تسلُّق معنى ما.. بينما الرواية أشبه ما يكون بمشي طويل على وتيرة واحدة.