arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى المقالات الإعلامية

لقاء الشهر مع الشاعر والروائي السعودي محمد حسن علوان

منتدى الشعر المعاصر

حوار/ أعضاء منتدى الشعر المعاصر

الهاشمي: شاب في مقتبل المجد، وفي ذروة الشعر، شاعر في كل جوانب حياته.. اقتحم أشكال الأدب من أوسع أبوابه، حيث صدر له قبل أشهر رواية (سقف الكفاية) هذه الرواية التي تتقطَّر شعرا وإبداعاً..
إنه الشاعر والروائي الصديق (محمد حسن علوان)
سيكون معكم على مدى الأسابيع القادمة ضيفا قديرا ومبدعا نعتد كثيرا بتواجده بيننا. باسمكم جميعا نرحب بالصديق المبدع محمد حسن علوان..

نبيل القلاوي: ما هي حدود التواجد الإبداعي في شعر محمد حسن علوان؟

بالنسبة للشعر.. فما زال نشره حتى الآن محصوراً على موقعي الشخصي البسيط، إضافة إلى بعض القصائد القليلة التي أمررها إلى هذا المنتدى. النشر في الصحف والمجلات لا يناسبني تماما، وذلك لأسباب كثيرة، وكنتُ قد لخصت سبب إقبالي على النشر عبر الانترنت في تحقيق صحفي أجرته جريدة الرياض معي بمشاركة الشاعرين الكبيرين إبراهيم الوافي (وريث الرمل)، وقاسم حداد، وتطرقت إلى هذه النقطة مفصلا إياها قدر المستطاع.

وهذا هو رابط هذه الدراسة التي تفضل الأستاذ إبراهيم الوافي بإدراجها في المنتدى.

إذن.. يتلخص تواجدي يا سيدي بين هذه الخيوط الالكترونية إلا أن تفر مني قصيدة لتقع في حبر جريدة أو مجلة، ولعلي أسعى لتواجد مركز على مستوى النشر الورقي قريبا.

نبيل القلاوي: ونعود معاً إلى قضية التفعيل الحداثي أو حداثية التفعيل، حدثنا عن رؤيتك؟

هذه الحداثة.. أو غيرها من الرؤى والنظريات.. كلها وجدت لينشغل بها غير المبدعين من أولئك الذين يتقوتون على كلمات الآخرين!، دائما.. عجلة الإبداع تتجه حيث تنحدر بها طرقات الثقافة والفكر والحياة، مهما حاول المنظرون تعديل مسارها، أو خلق مسافات جديدة لها، ولذلك كانت قضية الاختلاف حول ما يجب أن يتجه إليه الإبداع في مراحله القادمة أمراً لا طائل منه ولا جدوى، لأنها نقاشات ولدت لتموت.. فالإبداع لا ينتظر وصاية من أحد، وليس من حق أحد ما أن ينصب نفسه حارساً له!

يشبه الفن.. الرياح!، كل يوم تخلق لنفسها مساراً جديداً.. وتسافر بين الأشياء.. وتصطدم ببعضها.. وتلتف حول أخرى.. بدون خريطة!، أنا أعجب ممن يحاولون رسم خريطة للإبداع!!، ويضيعون أوقاتهم في قضايا ثقافية لن تعود بنفع.. بدلا من تسخير هذه الأوقات من أجل دراسات نقدية تلقي ضوءاً كافياً على الطريق التي سلكها الإبداع وحده.

نبيل القلاوي: التناظم الشعري في قصائدك يجعل القارىء في حيرة من قاموسك اللغوي، هل تتعمد إثارة الصورة الشعرية لتصل بها إلى مراحل الإيحاء الحي؟

حقاً.. من الصعب أن نسأل أماً ما: هل تعمدتِ أن تثيري سلوكاً معيناً.. حتى يولد طفلكِ بهذا الشكل؟، أصعب الأمور.. قراءة الخرائط الجينية لقصيدة!، ولكني.. من منطلق أني أمارس الشعر كصناعة في بعض الأحيان.. ويمارسني هو كإلهام.. في أحيانٍ أخرى أعتقد أن إثارة الصورة هي أداة عريقة جداً في الخلق الشعري، وهي موجودة بين يدي.. وبوسعي أن أتمسك بها.. أو أتخلص منها.. بحسب حاجة النص الذي أمامي، وحسب تداعياته أثناء انكتابه بين يدي.

القصائد.. حالات، تختلف في مدى حاجتها إليَّ.. لتخرج، أو حاجتي إليها.. لأبوح، وما بينهما عطاءاتٌ متفرقة، وتواصل يتعاقب عليه مد وجزر، ولكل حالة أداة.. ولكل أداة حد أقصى من الاستهلاك.. كما تريد الذائقة، لذا.. ربما تعمدت أن أثير الصور الشعرية كما قلت.. ولكن هذا يحدث في حالات معينة.. مع قصائد بذاتها.. دون أخرى.

الطائر الأخضر: على من من كتاب الرواية تشكل وعي محمد الأول…؟؟

قد أكون متأثراً بالعديد من الكتاب على فترات زمنية متعددة، وقد تكون بعض الأسماء التي تأثرت بها في صغري بسيطة وغير فاعلة في تاريخ الأدب، ولكنها كانت تناسب مرحلتي العمرية، ولهم أدين بالفضل في ارتقاء الدرجات الأولى، فلولا أولئك البسطاء الذين علمونا الأبجدية.. لبقينا جهلاء.

أذكر أني في الرابعة عشرة قرأت كل آثار المنفلوطي، بما فيها الروايات المترجمة عن الفرنسية، ولعل الأدب الفرنسي المفرط في الرومانسية والنظرة السوداوية وواقع اجترار الآلام قد ترك بصماته على كتابتي كلها، سواء الشعرية منها أو النثرية، كما نبهني لذلك أحد الأصدقاء.

وفي تلك المرحلة أيضا، جاء فيكتور هيجو، وكزافية دي مونتابين، ليشدا على هذا الطابع الذي بدأ يظهر جليا في قصائدي الأولى، والتي كان نتاجي الأول يتلخص فيها فقط.

ثم جاء الشيخ علي الطنطاوي، ولهذا الرجل أسلوب مميز في السرد، يعتمد على لغة قويمة، وروح حاضرة في جسد النص.. لا تغيب، وميزته.. أنك عندما تقرأه.. ينتابك شعور أنه يتكلم معك.. وليس مكتوباً على الأسطر فحسب. فكانت آثاره مفيدة لي.. كمرحلة متوسطة.

في المرحلة اللاحقة التي سبقت عرضي لروايتي الأولى بسنوات قليلة.. قرأت لنجيب محفوظ، وأمين معلوف، وأحلام مستغانمي، والطاهر بن جلون، ونزار قباني، بالإضافة إلى روايات أخرى متفرقة.. والأخير، رغم كونه لم يكتب رواية، إلا أن أسلوبه النثري كان مؤثرا، هذه الأسماء كان لها دورها البارز في تشكيل الوعي الأول تجاه الرواية.. كفن، بعد أن كان فهمي لها يقتصر على اعتبارها.. قصة طويلة.. ليس إلا!

الطائر الأخضر: ما رأيك في القضايا المثارة حول منع الروايات بحجة الوقوع في المحذور وتجاوز الخطوط الحمراء؟؟!!

كل شيء في الحياة.. له خطوطه الحمراء، الانطلاق الغير مقيد.. لا يليق بهذا الكون الدقيق المفصل، والرواية.. أو الفن عموما.. نظام ابداعي يجب أن ترسم حوله الحدود، وتقام تلك الخطوط الحمراء.

المشكلة: من يضع الخطوط الحمراء؟

أنا لا أرفض سياسة المنع.. لأنها ضرورية، ولكن.. ماذا يجب أن نمنع؟، ومن يحدد هذا الممنوع؟

أعتقد أن الأمر يمس الصحة الثقافية للمجتمع، ويجب أن يتولاه من هو مؤهلٌ ثقافيا بما يكفي لتحديد ما ينفع جسد المجتمع.. وما يضره، وأرجو أن تكون هذه الهيئة الثقافية المخولة بالمنع متجددة دائما، بحيث لا تتجمد على عقيدة ثقافية معينة، بل تتجدد المعايير مع تبلور الساحة الثقافية دائما.

إبراهيم الوافي: هل سقف الكفاية منجز شعري أم روائي؟

هذا التساؤل الكبير يا سيدي أخذني كثيراً منذ أعلنته أنت على الملأ، وفي محاولة للفهم.. رجعت إلى وراء الكلمات، محاولا أن أستعيد النقرات الأولى على سطح الرواية، لعلي أستوضح منها إجابة ما.

أعترف لك.. كانت أولى الصفحات التي سوَّدتها من الرواية بريئة من دم الشعر، في محاولة سردية بائسة لأحداث مدقعة الفقر، وكنت قد نحيت هذه الصفحات جانبا بعد أن أكملت نصاب المائتي صفحة.. لأبدأ في الكتابة من جديد، بعد أن تمازج في داخلي نبض الشعر والنثر، وانكتب النص.. وأنا في غفلة منه!

كان الحضور الشعري طاغياً.. إلى الحد الذي استدعى أن يحفر في داخلي أملا.. وقلقاً!، الأمل.. بتدفق أسلوب هجين بين الشعر والنثر، والقلق.. من طغيان هذا القلم الشاعر الذي يحجب بنيانا روائيا هزيلا، وما زلت في حيرة من هذا الشأن!

سقف الكفاية.. برأيي.. كانت منجزاً روائياً.. بشفاعة الشعر!، وكان الحضور الشعري فيها أمراً لا مرد له، لأن أقلامي كلها ملوثة بهذه الحرفة الشعرية التي أمارسها منذ سنواتٍ طويلة، لم تكن عندي القدرة على إقناع قلمٍ ما أن يكتب بشكل مختلف بعد اعتياده على الهوس الشعري بالصورة والتلوين، فكان ما كان!

إبراهيم الوافي: محمد حسن علوان شاعرٌ من أخمص الحرف حتى قمة المفردة..! فما الذي أغراه بطباعة الرواية وتجاهل النص الشعري الناضج قبلها والمتكور بها؟

مرد هذا إلى عدة أسباب:

أولا: أن الرواية بشكلها الفني لا تملك إلا باباً واحدا للخروج منه إلى العالم.. ألا وهو الطباعة، بخلاف الشعر الذي يخرج من أبواب عدة كالأمسيات.. والنشر الصحفي والالكتروني.. وغيرها، لذا.. وجب عليَّ أن أخرج بالرواية قبل أن تختنق في أدراجي، بينما يجد الشعر له أكثر من متنفس قبل أن يخرج إلى ديوان.

ثانيا: بحق.. ولا أقولها تواضعا.. أنا لا أثق في مستواي الشعري، وما زلت أرقب أفقا ما لم أصل إليه بعد، وما زلت ممزقاً بين عدة أساليب.. ومستويات، وغير قادر على الاستقرار على سحابة ما!، وهذا ما يمكن أن يلمسه القارئ في قصائدي إذا ما قارن بينها، فتبدو كأنها كتبت بأيدي شعراء مختلفين، وفي أزمنة متفرقة. إذن.. ما زالت تجربتي الشعرية غير ناضجة، وعندما تنضج (ومن يدري!)، ربما أفكر في إخراجها كديوان مسموع أو مقروء.

ناصر المدخلي: لا أدري لماذا حجبت الرواية؟، وهذا الكلام كان هنا عندما وضعت إعلان عن ظهور الرواية على السطح
الرواية يا محمد فيها كفر!! هذا من وجهة نظري وأتمنى أن تكون قاصرة عن الفهم.. فحقيقة كنت خائفاً عليك أن تأخذك ثورة القلم.. إلى مرافىء قد تجعلنا نبكي عليك بدل التصفيق لك
هذه مثلاً: صفحة 16 ”وأنتِ وجدتِ عندي ذاكرة لم تمس أصلاً من قبل، وقلباً خالياً لا يشغله شيء أبداً، فدخلتِ فيه بسلام، وعززت مكانتك وطدت ملككِ، وسخرتِ الدماء والشغاف والأوردة تسبح وتقدس لك!“
هذا التشبيه بملكوت الله ألا ترى أنه الكفر بعينه؟ ما ردك على هذا الطرح؟

في الحقيقة فاجأتني وجهة نظرك الضيقة جدا حول ما جاء في الرواية ، وتفسيره بأنه كفر!، لقد كان شعورا غير مريح لي ذلك الذي شعرت به وأنا أحاول أن أتصور الهيئة التي تشكل بها رأيك هذا، وفكرت أيضاً في شكل الرد الذي يجب أن أعيده إليك.

حسنا..

لا أريد أن يكون ردي شاملا لكل النظرات الغريبة التي يفسر الناس من خلالها الأدب، هذا سيقودنا إلى بعض الفوضى الحوارية التي تغص بها المنتديات، ولا تخلو من الحراب الاتهامية السيئة.

ولا أريد أن أدخل في متاهة دينية/أدبية لا معنى لها!، فليس في الرواية أية تعارض فكري بين المنهجين، إلا إذا اعتبرنا بعض التلقي الخاطئ من بعض القراء، وهذا دارج كثيرا.. غير أن علاجه لا يكون هنا حسب اعتقادي.

سأرد رداً مختصراً يطفئ انفعالك الذاتي حول الرواية، وربما انفعال بعض القراء الآخرين من رواد المنتدى، فمثلا.. على كل من يلاحظ تعبيرا غير مقبول في حدود ثقافته، فلا يحاولنّ رفضها بكل هذه التعنت، فالسؤال والمشاركة والاستقصاء كلها أمور ضرورية.. قبل أن نطلق رأيا عنيفا مثل: الكفر!!!

أنت يا سيدي /عزف منفرد، هل حاولت أن تستقصي عن كلمة (اسبح وأقدس لك)؟، التسبيح والتقديس تعبيران لغويان موجودان في اللغة العربية من قبل أن ينزل القرآن.. ويبعث النبي!، وكانتا تستخدمان في شتى المواضع التي تشير إليها وتستلزمها، فلما كانت البعثة.. استخدم الله تعالى هاتين الكلمتين في تبجيل ذاته، كما استخدم غيرها من مفردات اللغة، فمن الذي قال أن الله احتكر هاتين الكلمتين لذاته الإلهية.. وحرم إطلاقهما على ما سواه؟

هل لأننا أعتدنا على هذا القالب الذي جاءت فيه الكلمتان.. لم نعد نملك القدرة على تصورهما في قالب آخر؟

حاول أن تعيد النظر يا صديقي.. وحاول أيضاً أن تطبق هذه القاعدة اللغوية على الكثير مما قد يثير ريبتك في الرواية.