arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى المقالات الإعلامية

بعد هدوء عاصفة (سقف الكفاية) محمد حسن علوان لـ(ثقافة اليوم):

لا أجد أي إشكالية في أن يتعامل النقاد مع عمري الصغير بهذه الحساسية

أنا أتطفل على كل الأجناس الأدبية… وبصمتي الخاصة ستصنع نفسها بنفسها

صحيفة الرياض السعودية

حوار/ عماد العباد

كان إصدار محمد حسن علوان لروايته (سقف الكفاية) مجرد تصالح مع أوراق صب عليها جهده وحزنه وإنقاذاً لها من الموت ولم يكن علوان يظن بأن تتجاوز الرواية أيادي أصدقائه والمحيطين به.

لكنها وفور وصولها حققت انتشاراً مذهلاً رغم عدم وجودها في المكتبات السعودية وأعادت النبض إلى الساحة الأدبية التي انقسمت إلى أقسام:
قسم احتفى بها غاية الاحتفاء بل ووضعها في صدارة الروايات السعودية والقسم الآخر نظر إليها بريبة مشككا بكون علوان كاتبها الأصلي نظراً لصغر سنه (23 عاماً) ولوجود معلومات عن بغداد لا يمكن أن يذكرها إلا من عاش هناك. أما الفريق الثالث فيرى أن توضع الرواية في مكانها الصحيح دون مغالاة وبغض النظر تماماً عن كاتبها.

خلال الأسطر القادمة يكشف محمد علوان عن بعض المشكلات التي اعتورته أثناء كتابة الرواية وعن رأيه في استقبال الساحة الأدبية لها كما تحدث حول مشروعه الشعري القادم وبعض الهموم الأخرى.

كانت البداية من موقع شعري بسيط على الانترنت وبضع مشاركات هنا وهناك… ثم فجأة أصدرت رواية سقف الكفاية كيف تصف هذا الانتقال وتجربة اقتحام عالم الرواية..؟

أحياناً اشعر أن سلسة مرحلية معينة هي التي تقودني إلى الجنس الأدبي الأقرب إلى عطائي الكتابي!، هذا ما يبرز لي حالياً وان اسأل نفسي ذات السؤال: لماذا الرواية بعد أن كنت قد كرست نفسي شاعراً؟ وعندما ابحث عن إجابة أعود إلى نصوصي الشعرية والنثرية في محاولة لتفكيك البنى الرئيسة التي تقوم عليها، فأجد أنني أميل إلى مساحات الركض الأوسع، تلك التي تمنحني حرية البوح الذاتي غير المقيد. قصائدي في الغالب طويلة، وذات طابع سينمائي وبوحي غالباً، وهو ما قد يتعارض أحياناً مع التوجه الشعري الحديث نحو التكثيف واقتناص المعنى دون أدوات ربط وزوائد تؤدي إلى خلخلة الانثيال الشعري للقصيدة.

شعوري بالألفة مع الكتابة الروائية رغم تجربتي الأحادية والقصيرة دليل على احتواء هذا الجنس الأدبي لأغلب مقومات الكتابة في داخلي، وتأقلمه معها، وقدرته على استفزازها وتحفيزها بشكل جيد، لهذا لم أشعر بالغربة الشديدة وانا اخوض الكتابة الروائية للمرة الأولى، بل شعرت أني أتعامل مع الأوراق بلغة مألوفة لدي.. وإن كنت لم أتكلمها من قبل.

عالم الرواية يميل إلى التكاشف، الخدش، وتعرية الذات والآخر في مغامرة بينية اشعر أنها تستهويني بشدة بعيداً عن المعايير الأخرى لنجاح العمل، أجد نفسي منصرفاً إلى الكتابة الروائية بشكل منتظم ومستمر خلاف الشعر الذي يأتي غالباً دون موعد، وبلا نظام، يخربش، على دفتر الروح، ويمضي..

ككل الأدباء السعوديين الجدد كانت لك معاناة طويلة في إقناع دور النشر اللبنانية بروايتك حدثنا عن ذلك…؟

في البدء… لم يكن هاجس نشر الرواية ناشئاً عن قناعة داخلية بأهليتها لذلك، كل ما في الأمر أني وجدت في حوزتي أوراقاً تكاثرت، واستهلكت مني جهداً وحزناً، وكان تصالحي معها يمر بتقلبات من حين وآخر، ورأيت أنني إن لم اسمع لإخراجها من عزلتها فوراً فلربما حكمت عليها بالموت، وهكذا.. ركبت إحدى موجات رضاي عن النص، وسعيت لنشره دون أن أحاول إعادة تقييمه مرة أخرى حتى لا أغير رأيي.

بهذه القناعة المرتعشة راسلت اغلب دور النشر اللبنانية التي استطعت توفير عناوينها بشكل شخصي، ورفضت بعضها النص دون أن تطلع عليه، ووافقت أخرى دون أن تطلع عليه أيضاً مع اشتراط مبلغ مادي كبير، وقامت إحدى دور النشر الكبرى بمساومتي على مبلغ ضخم جداً نظير نشرها للكتاب، وأخيراً كانت دار الفارابي تقدم عرضاً معقولاً لطباعة الكتاب على نفقتي، بعقد لا بأس به، وذلك قياساً إلى الحال المتردية لسوق النشر هذه الأيام… وإلا فإن العقد مجحف بحق المؤلف فعلاً.

لم التفت كثيراً لهذا… كمان همي أن يجد الكتاب متنفساً خارج أدراجي، وهذا ما كان…

مقالك الذي نشر مؤخراً حول الرواية أثار ردود فعل واسعة من قبيل (ليته سكت) واتهمك البعض بالنرجسية بسببه، واعتبره البعض بياناً ختامياً هل كان من الضروري نشر هذا المقال..؟

المقال جاء تجميعاً لأفكار تراكمت علي بشكل مضطرد وسريع في غمرة الانتشار المفاجئ الذي راحت تحققه الرواية، وهذا يبرر كونها جاءت مباشرة، وسريعة، وربما.. غير متوازنة.

بعد أن نشر المقال.. لاحظت أن بعض المحاور لم يكن ثمة داع للتطرق لها، وكنت قد أشرت إليها بناء على هواجس قلقة، وبعض من التوتر، وعدم القدرة على التوازن مع وسائل الإعلام، والتعاطي مع مختلف الأنماط القرائية التي يمكن أن تتعرض لها الرواية. تجربتي في هذا الشأن كما أسلفت أحادية وقصيرة، وهذا يبرر أية مآخذ قد يراها البعض على المقال.

البعض لم ير أن المقال كان ضرورياً، بينما وجده آخرون جيداً وفعالاً، واختلفت ردود الأفعال التي بلغتني حوله اختلافاً كبيراً، ما يجعلني احمد الله أن المقال لم يخرج عن كونه رؤية يمكن أن تتباين حولها وجهات النظر، مما يوحي بشيء من التوازن.

ولعل أسوأ ما وردني حول المقال هو سوء الفهم الذي وقع فيه بعض القراء الذي ظنوا أن أمنيتي بأن استزيد من التوجيه النقدي للدكتور عبدالله الغذامي شخصياً بأن رجوت لو يكمل قراءة الرواية، ظنوها تطاولاً على قامته الأدبية، ومحاولة للإلماح إلى أنه لم يعط الرواية حقها من القراءة… والكتابة أيضاً… بينما يعلم الكثيرون، والدكتور الغذامي، انه يكفيني لو لمس بإصبعه جبيني لأشعر بالامتنان، فكيف إذا كتب مقالة كاملة عني.. وعن روايتي البسيطة!

يهمس البعض بأن عنصر المفاجأة وسبب انجراف النقاد مع رواية سقف الكفاية هو العمر الصغير لكاتبها… بتجرد شديد،،، كيف ترد؟

العمر الصغير آثار فضول الكثيرين للإطلاع على الرواية، وربما التعليق عنها بالكتابة وغير ذلك، ولكن فيما بعد اطلاعهم على النص يجب أن تبدأ مرحلة جديدة من التعاطي معه، وهذا ما أشرت إليه في مقالي السابق، انه يجب ألا يشغل العمر الشاب كل من يبدي رأياً عن الرواية عن التوجه للمحتوى الأساسي.. النص ذاته، وبصراحة لا أجد في نفسي أي إشكالية في تعاملهم مع عمري الصغير بهذه الحساسية على الطرفين الإيجابي والسلبي، وكل ما يضايقني هو أن البعض في كتابته يجحف بحق النص لحساب تسليط الضوء أكثر وأكثر على العمر وحداثة التجربة.

اللغة العامل الرئيس في نجاح سقف الكفاية هل هناك تعويذة نجاح أخرى تود إلقاءها في أعمال قادمة غير اللغة..؟

كل ما أستطيع قوله الآن هو أني أسعى إلى تنحية اللغة عن دور البطولة إلى دور العنصر الداعم والمساند للنص فقط، والتركيز أكثر على حرفية الكتابة الرواية، وابتكار تقنية سرد مناسبة لحمل النص القادم، وأيضاً التركيز على بناء متن حكائي قادر على الثبات وشغل الفراغ الذي قد يتركه غياب اللغة كبطل في العمل القادم.

اللغة قدمت ما استطاعت، ولا يمكن الاتكاء عليها أكثر من ذلك، هذا ما أوحته إلي آراء متعددة حول الرواية، احترمها كثيراً، ولهذا… أرى أن خفض التركيز عليها سيساعدني على استخدامها في أعمال قادمة بدلاً من استنزافها بالرتابة والتهالك اللفظي عبر نصوص طويلة مثل الرواية.

بالحديث عن اللغة الشعرية… أنت متهم دائم ببحثك عن ظل الآخرين (نزار قباني، أحلام مستغانمي… وغيرهما) ألا ترى أن القارئ يتوق إلى بصمة علوانية مميزة تخرجك من هذه العباءات…؟

دائماً ما أعلنها بكل وضوح… لا يوجد كاتب لم يتأثر بمن سبقوه!، وإذا كانت أعماله المنشورة لا تشي بذلك… فلا ريب أن غير المنشورة منها تحمل بصمات واضحة لكتاب آخرين. التأثر سمة صحية تنبئ عن نجاح عملية التوارث الأدبي الإنساني، والتواصل بين جيلين، وهو لا يلغي قدرات الكاتب نفسه، فقدرته على استجلاب أرواح سابقيه بحد ذاتها تعتبر نجاحاً في التقاط مكنوناتهم الإبداعية بجدارة.

وغالباً ما تتكون البصمة الخاصة للكاتب بشكل طبيعي وتدريجي عبر خوض التجارب، والممارسة الواعية المستمرة للكتابة، والتطلع إلى التجديد وكسر التقليد والتطور الإيجابي. أنا لا استعجل صناعة بصمتي الخاصة، لأني أظن أنها ستصنع نفسها بنفسها… سواء تحت قلمي… أو في أذهان القراء، يكفي الآن أن أضاعف التركيز على ان اكتب نفسي فقط.

القصائد الشعرية التي كنت تكتبها قبل الرواية كانت عادية… بسيطة والدليل النصوص الشعرية التي وردت في سقف الكفاية إلا انك كتبت في الآونة الأخيرة ثلاثة نصوص متجاوزة (صداع…، القصيبي وزيرا للمياه… بغداد) هل هذه إشارة لبدء اشتغالك على مشروعك الشعري..؟

الشعر من الكائنات المتطورة بطبيعتها، وأنا كنت نزّاعاً إلى تطوير نصوصي الشعرية، وحاولت أن أعمق قراءاتي في هذا الشأن، لاسيما بعد شعوري بالذنب تجاه الكائن الشعري في داخلي لفرط ما انشغلت عنه بالكتابة النثرية. ولقد تفاءلت كثيراً بالأصداء الطيبة التي تحققها هذه النصوص المرحلية لدى المقربين وزوار موقعي الإلكتروني. وأسعى للمزيد من تطوير هذا المشروع الشعري بشكل متواز مع المشروع الروائي، فما زلت ألمس فراغات كثيرة في جسديهما، ولابد من العمل الجاد سعياً نحو الأفضل.

كتبت بضع قصص قصيرة لم تنشر بعد إلا من خلال الشبكة العنكبوتية كيف تقيم تجربتك في فن القصة القصيرة؟

أنا طفيلي بعض الشيء! أميل للتطفل على كل الأجناس الأدبية القريبة من قلمي، لا أخفيك سراً أني اشعر بصعوبات في الاستمرار في حقل القصة القصيرة، لاسيما أنني ازعم أنها قصص قصيرة بينما تبدو لي أحيانا مقاطع مجتزئة من رواية ما!.. القلم القصصي يختلف عن القلم الروائي، وهذا ما لمسته من محاولتي إنشاء أكثر من قصة قصيرة بصعوبة، قُدّر لها أن تظل حبيسة موقعي الالكتروني فقط، وإن كان البعض ليرى فيها (دعاية) للرواية من جهة أنها تقدم نموذجاً متاحاً للعرض لأسلوبي النثري.

هل هنالك عمل جديد تعمل عليه الآن… مشروع روائي أو شعري؟

ليس في القريب العاجل! أنا اعمل ببطء وحذر شديدين، وبقلق أشد! لذلك لا أظني سأخرج للساحة الأدبية بعمل قريب، واسأل الله الذي أعانني على ما قدمت أن يعينني على ما سأقدم، فكل ما كان هو من نعمته عليّ.. وليس لي من الأمر شيء.