arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى المقالات الإعلامية

بعد فوز «القندس» بجائزة الرواية العربية بطبعتها الفرنسية ..

علوان :الجوائز الأدبية للدعم ..لا للمحاكمة والفرز !

صحيفة الرياض السعودية

حوار/ إبراهيم الوافي

في العام 2011م .. أصدر الروائي السعودي المتميز محمد حسن علوان روايته “القندس ” وهي الرواية الرابعة له بعد أن سبقتها سقف الكفاية وطوق الطهارة وصوفيا .. حققت الرواية حضورا متميزا ووصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر في العام 2013م .. حتى لفتت انتباه عدد من الأوساط الثقافية العالمية وتمت ترجمتها للغة الفرنسية من قبل دار “لي سوي” نتج عن هذه النسخة الفرنسية فوز الرواية بجائزة الرواية العربية لعام 2015م، وهى الجائزة التى يمنحها معهد العالم العربى – باريس، ومؤسسة جان لوك لاغاردير.

حول هذه الجائزة والفوز بها كان لنا هذا الحوار الهاتفي مع الروائي السعودي المتميز محمد حسن علوان للحديث عن ” القندس ” والجائزة .. والحضور الإبداعي للروائي علوان بشكل عام ..

*-القندس بعد توقفها عند القائمة القصيرة لبوكر 2013م هاهي تفوز بجائزة الرواية العربية عن طبعتها الفرنسية .. إلى أي مدى جاء هذا الفوز منصفاً لها ؟

لم أشعر قط أن روايتي قد أجحف بحقها حتى أتطلع إلى الإنصاف. الجوائز الأدبية لها مهمة أساسية و هي التشجيع والدعم، وليس المحاكمة والفرز. وبالنسبة لروايتي فإن وصولها إلى القائمة القصيرة في البوكر عام 2013 هو أمرٌ إيجابي بحد ذاته، وقد كنت سعيداً بذلك. ولعل اهتمام الناشرين الأجانب بالرواية وترجمتها جاء ثمرة لهذا الترشّح المبكر للبوكر. كما أن فوزها بجائزة الرواية العربية عن طبعتها الفرنسية هو أيضاً فرصة لإقناع أكبر عدد ممكن من قراء الفرنسية بقراءتها وهو ما يحقق لي تشجيعاً ودعماً كبيرين وهو ما يحقق أهداف الجائزة.

لا أحد يعرف الأسرار الكيميائية التي تتفاعل بها اللغة داخل الكاتب

*- استخدام الرمز في الرواية كانت محاولة جريئة وعميقة في سبيل فهم أعمق لواقع الإنسان وحقيقته… مامدى تأثير هذا المكون الفني تحديدا في فوز الرواية بهذه الجائزة ؟

ليس لديّ القدرة على تحديد دور هذا المكوّن الفني في الفوز لأن بيان لجنة التحكيم لم يحدد معايير التصويت ولا الأسباب التي ساعدت الرواية على حصد أغلبية الأصوات. ولكن مشاركتي في الأنشطة الثقافية الفرنسية أعقاب نشر الرواية أوحت لديّ بمحورية الدور الذي لعبه الرمز، حيوان القندس، في الإشارة إلى طبيعتنا البشرية النزّاعة للحذر وعدم الثقة والاستئثار بالطبيعة والتمحور حول الذات. وكلها صفات غريزية في حيوان القندس طغت على سلوكه. وقد لمست هذه المحورية أثناء تعالقي المباشر مع الجمهور في الفعاليات الأدبية وحفلات التوقيع وكذلك اللقاءات الصحفية التي أجريتها في فرنسا. وأنا سعيدٌ أن الرمز حقق مرادي منه، لأني أعرف أن توظيف الرمز في الرواية ليس بالأمر السهل، وقد يشتت الفكرة أكثر مما يبلورها. وفي أحيان كثيرة يكون الرمز أضعف من أن تبنى عليه رواية كاملة، أو تخفق الرواية في أن تستغل الرمز الاستغلال الأمثل.

*- يتميز محمد حسن علوان في كل رواياته بلغته القادرة دائما على صناعة الحكاية وغالبا ما تتحول إلى رحم تتخلق فيه الأحداث ومنها رواية القندس بلغتها الأم “العربية” .. من وجهة نظرك كيف استطاعت الترجمة أن تحمل هذا العمق الفني المؤثر، وبالتالي خوّلت لها الفوز بالجائزة ؟

مرّت الرواية في طريقها من العربية إلى الفرنسية بمرحلتي الترجمة والتحرير. وقد قامت بالترجمة المترجمة الفرنسية ستيفاني ديجول التي سبق لها أن ترجمت أعمالاً للكاتب المصري الكبير إبراهيم أصلان، والكاتب اللبناني جبور الدويهي. وقد أوعزت دار “لي سوي” الفرنسية إليها مهمة الترجمة بسبب تمكّنها من اللغة العربية إلى جانب فهمها العميق لمكونات الثقافة العربية المعاصرة بسبب السنوات الطويلة التي قضتها في العالم العربي. وأثناء ترجمة الرواية التي استغرقت عدة أشهر كانت ستيفاني حريصة أشد الحرص على أن تفهم معنى ومغزى كل كلمة في الرواية مما استدعى أن أعمل إلى جانبها ساعاتٍ طوالا في محاولة الوصول إلى أفضل ترجمة ممكنة. بعد ذلك قام بتحرير النص المحرر الفرنسيّ إيمانويل فارليه، وهو مثقف ضليع في الثقافة العربية ويتحدث اللغة العربية بطلاقة. وقد عمل إيمانويل على تكييف النص على ذائقة القارئ الفرنسي مع المحافظة على روح النص بمكوناته السعودية الأصلية. ولهذا فأنا مدينٌ لكل من ستيفاني وإيمانويل مساعدتي في إيصال نصي الأصلي المكتوب بالعربية إلى القارئ الفرنسي بأفضل طريقة ممكنة، وأعتقد أنهما قاما بعمل رائع يستحق الإشادة.

*-” محمد حسن علوان ” لم يقتل الشاعر فيه لكنه رواه وبأكثر من لغة .. ماتعليقك على مقولة كهذه لاسيما والقندس تفوز بجائزة كبيرة وبلغة غير العربية ؟

لا أحد يعرف الأسرار الكيميائية التي تتفاعل بها اللغة داخل الكاتب وكيف تختار لنفسها كياناً أدبياً هجيناً في بعض الأحيان. الشعر كان خياري الأول عندما بدأت الكتابة منذ الرابعة عشرة من عمري، ولكني أتغيّر وأتشكّل حسب تجاربي وظروفي ورغباتي، والتي تصنع معاً شكلاً معيناً من أشكال البوح لا يمكن أن يخضع إلا لنوع أدبي محدد. وهذه النوع كان الرواية التي وجدتُ فيها مجالاً أوسع للكتابة التي أريدها.

الرحيل سد فراغاً واضحاً في المكتبة العربية

*-آخر إصداراتك ..كان بحثًا أكاديمياً فنياً معا .. ونعني به ” كتاب الرحيل ” إلى أي مدى يتجاور الإبداع الحر .. والإبداع الممنهج ..لدى علوان ؟

كتاب الرحيل هو محاولتي الأولى للكتابة البحثية باللغة العربية. وقد اعتمدت في كتابته على معايير أكاديمية معروفة ومنهجية لا يمكن الحياد عنها. ولكن الفن جاء عندما سعيت لأجل الكتاب مقروءاً من قبل غير المتخصص. فحاولت أن أطرح النتائج البحثية في قوالب سردية قدر المستطاع وإن لم يكن ذلك ممكناً في جميع الأحوال. وعموماً، فإن هدفي من إصدار هذا الكتاب هو سد فراغ واضح في المكتبة العربية التي لم أجد فيها كتاباً يجمع بين دفتيه جميع نظريات الرحيل من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والأنثروبولوجية وغيرها. ولما كانت دراستي الأكاديمية في رسالة الدكتوراة تتعرض لهذا المجال فقد اخترت كتابة الكتاب لعله يكون مرجعاً لباحثين آخرين باللغة العربية.

*-المكان رواية علوان دائما ولا سيما في القندس لهذا أظن أن الرياض المدينة “تعاتبك كثيرا ” لماذا كل هذا السخط الفني على الرياض ؟!

ولدت ونشأت وعشت أغلب عمري في مدينة الرياض. وأنا أكنّ لها حباً عميقاً وأشعر أنها جزء من كينونتي سواءً حللت فيها أم رحلت عنها. وكتابتي عن الرياض ليست سخطاً ولا رضا، فأنا لا أكتب رواياتي بصفتي الشخصية على الإطلاق. ولكن دعنا لا ننسى أن الرياض مدينة كبرى، وما زالت تنمو بشكل متسارع. هذا الحجم والتسارع يصنعان المآزق الاجتماعية والإنسانية والثقافية، وهي المآزق التي تحرّض على الكتابة دائماً.