arrow-leftarrow-rightaskfmemailfacebookgoodreadsinstagramtwitter
العودة إلى المقالات الإعلامية

محمد حسن علوان للمحقق:

الرواية مخلوقٌ متسائل

صحيفة المحقق الجزائرية

حوار/ هاجر قويدري

جذبت الرواية السعودية الأنظار إليها في الآونة الأخيرة، وكان وراء ذلك أسماء جديدة لشباب في مقتبل العمر وقع حضوره بجرأة لم تعهدها المملكة ولا نسقها الاجتماعي المحافظ جداً والرقيب جداً.

محمد حسن علوان أحد أهم أسماءها الفاعلين في مسارها الجديد.. هو لم يتخطى العقد الثاني من عمره لكنه سجل في رصيده روايتين ”سقف الكفاية“ و”صوفيا“ يكتب بتزاوج غريب بين الشعر والسرد أثارت روايته الأولى الكثير من الأسئلة لدرجة الشك في نسبها إليه.. غير أن عملية الابداع لديه لا تزال متواصلة فبعد صوفيا سيصدر عمله الثالث قريبا والذي يحمل عنوان ”طوق الطهارة“.

أنت شاعر وقاص وروائي، تكتب الأجناس الأدبية كلها ما الفرق بينها أو لا فرق؟ وإن كان ما السبب الذي يجعلك لا تنشر غير الرواية؟

بالنسبة لي: الشعر حالة شخصية جداً، وأنا أكتبه بكل شروطه العفوية بعيداً عن قوانين (المشروع)، وتراتبيته، ومراحله، لأنه صرختي الخاصة، أما القصة فما زالت ممارسة نزقة، تأتي في توقيتها الذي لا أتحكم فيه أبداً، وما زلتُ أشك في علاقتي بها، ولكنها طريقتي اليائسة في القبض على الحياة، وتقطيرها في رؤية ما، قابلة لفهم مختلف. بينما الرواية وحدها، دون القصة والشعر، تأتي في سياق عملي، متطلبة جداً، وتحمل معها جدول أعمال ثقيل، ولذلك أعتبرها مشروعاً جاداً، ومتسلطاً جداً.

قصائدي وقصصي القصيرة أنشرها في موقعي الشخصي على الإنترنت تباعاً، وأحياناً تنشر في بعض المواقع الأدبية مثل (كيكا)، وموقع القصة العربية، وموقع أدب، وغيرها. وهذا يكفيني إذا أخذنا في الاعتبار أن أسلوب نشرها الإلكتروني هذا صار أكثر فعالية ووصولاً من المجموعات المطبوعة. أما الرواية، فليس لها سبيل للوصول إلى قارئها إلا أن تنشر وتطبع في كتاب، وهذا ما حدث.

تربط الرواية بتجربة الراوي الكبيرة في السن وكنت ابن الثالثة والعشرين عندما اقتحمتها بسقف الكفاية؟

قد يكون تقدم العمر، واتساع رقعة التجربة عاملين مساعدين على كتابة الرواية، ولكن ليسا رئيسين. فالرواية مجهود فكري في النهاية، تعتمد على القدرات الفكرية المؤهلة لصياغة عمل روائي. والحقيقة أن سقف الكفاية نُشرت وأنا في الثالثة والعشرين، ولكني بدأت كتابتها قبل ذلك بسنتين تقريباً، وكنت في الحادية والعشرين، وعدد الروايات التي قرأتها قبل ذلك كان قليلاً جداً.

مقياس التواتر الحدثي في سقف الكفاية كان محدوداً وغطيت الكثير من هذا بلغة شاعرية لدرجة أنه يمكننا اقتطاع صفحات طويلة وتحويلها إلى قصائد شعرية في حين مسكت خيط السرد جيدا في صوفيا هل للبيئة الروائية دوراً في هذا؟

ثلاث سنوات بين الروايتين كانت كفيلة بتطوير أدواتي قليلاً، والعائد النقدي الغزير الذي عاد إليّ من سقف الكفاية ساعدني كثيراً على المحاولة بشكل جاد على كتابة عمل أكثر إتقاناً. وأنا أقول هنا (أكثر إتقاناً) وليس بالضرورة (أفضل).

عادة عندما ينتقل الكاتب إلى العمل الثاني يكتب شيء ثاني غيره ويتخلص من نظرته الأحادية.. إلى أي حد قد لا ترضي (مها) في سقف الكفاية (معتز)؟

لم أفكر في ذلك من قبل، أعتقد أن (ناصر) و (معتز) شخصيتان متناقضتان بعض الشيء، رغم أني أحمل في شخصي جينات مشتركة منهما معاً، ولكنهما انطلقا في زمنين متباعدين، وبنوايا روائية مختلفة، وبالتالي لا بد أن يكون لهما ردود أفعال مختلفة تجاه (مها).

أنت من الكتاب الذين يتحركون ضمن دائرة التكنولوجيا بالإضافة إلى تخصصك الدراسي كذلك ولديك موقع انترنت وكتبك متوفرة الكترونياً هل ترى أن كل هذا ضروري من أجل الوصول إلى القاري الفعلي أو على الأقل الذي يقاربك سنا؟

أنا لا أمتاز وحدي بهذه التكنولوجيا، بل جيلي بإكمله. هل يمكن أن تجدي شابة أو شاباً في العقد العشرين لا يتعاطون الإنترنت يومياً؟ ما فعلته لم يكن أكثر من تعاط طبيعي مع هذه التقنية، وهي محاولة التواصل الأساسية التي يحاولها الإنسان منذ الأزل، حسب ما تتيحه له الظروف، وقد أتاحت لنا، هذا الجيل، الإنترنت، بما يحمله في جعبته من ثقافة أقدر على التأثير، والوصول الفاعل.

انتهيت من عملك الثالث… هل تستمر في طرح الرؤية الفلسفية التي بدأتها في صوفيا ولماذا طوق الطهارة هل تقبض على قراءك من عناوين أعمالك؟

الفلسفة جزء من محاولاتي الروائية دائماً، وبالنسبة لي الرواية مخلوقٌ متسائل، ولذلك أعتقد أنها ستظل معي طويلاً، ولكنها ليس بالضرورة أن تلتقي الفلسفات بين الروايات، وإن التقت فهذا مبرر، فهي في النهاية انعكاس مباشر لقدرتي المتغيرة على فلسفة ما أراه، أو فشلي في ذلك.

لا أفكر في عناوين اعمالي قبل كتابتها، ولا أستعجل ذلك، لأني أعرف أن العنوان المناسب سينقدح وحده أثناء كتابة العمل، وهذا ما حدث فعلاً في كل أعمالي الثلاثة، بل وبعض القصص والقصائد أيضاً.

لماذا الإقامة في أمريكا.. هل لا يتحقق فعل الكتابة إلا بفعل السفر؟

أقيم في أمريكا مؤقتاً حتى أنتهي من درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وسأعود للوطن حال انتهائي منه. لا يوجد علاقة وثيقة بين كتابتي والسفر، فقد كتبت كلاً من سقف الكفاية وصوفيا في السعودية، وجزءاً من طوق الطهارة أيضاً.

بالطبع، وأعتقد أن للرواية المغاربية طعم حارق، ونفس ترابي لصيق بالإنسان، ومقلق لذَاتِه في نفس الآن. قرأتُ للطاهر بن جلون، ومحمد شكري، ومن الجزائر قرأت لأحلام مستغانمي، ولم أقرأ لغيرها للأسف.

يقرأ لك الجيل الجديد في الجزائر بكثرة وأغلبه لم يخط بعد تجربة النشر ماذا تقول له وهو يقرؤك الآن؟

أنا سعيدٌ بقراءتهم لي، ولكني قلقٌ جداً.